مونيكا + † + † +
عدد المساهمات : 578 الانتساب : 03/01/2010
| موضوع: شفاء وانتصار الجمعة مايو 28, 2010 3:55 pm | |
| إن الشعور بالوحدة هو واحد من أصعب وأخطر المشاعر السلبية التي قد تؤذي الإنسان وتسبب له آلاماً و انزعاجاً شديداً، وغالباً ما تكون هذه المشاعر مختلطة مع مشاعر الشفقة على النفس أو الشعور بالرفض. وفي بعض الأحيان قد تتزايد هذه الأثقال النفسية فتصيب الشخص بالاكتئاب. وقد تزايد الإحساس بالوحدة كثيراً في هذه الأيام وفي مجتمعنا المعاصر المليء بالصراعات؛ فقد تزايدت سرعة الحياة وتكاثرت الإنشغالات وصار كل شخص محصوراً في أموره الخاصة، فتباعدت المسافات بين الناس ولم يعد هناك وقت للاهتمام المتبادل وتناقصت العلاقات الأخوية والاجتماعية. ولكن من الهام أن ندرك أيضاً أن الشعور بالوحدة لا يقتصر على من يحيا بالفعل في ظروف معيشية صعبة من الوحدة أو الترك، بل إنك كثيراً ما تجد نفوس تعاني من الوحدة العميقة رغم كونهم محاطين بالأصدقاء والأقرباء وامتلاء أوقاتهم بالحياة العملية النشطة. فقد ترى البعض يتحدث ويتعامل، يسمع ويبتسم بل ويتكلم ولكنه يشعر في أعماقه بالوحدة. والبعض يعاني من هذه المشاعر بسبب صراعات أو تخيلات ذهنية غير حقيقية يظن فيها أن لا أحد يفهمه أو يهتم به، أو قد تكون نتيجة للإحساس بالرفض من الآخرين بسبب الشعور بصغر النفس. وآخرون يعانون من تلك المشاعر المؤلمة بسبب ظروف عملية مثل تأخر سن الزواج عند الفتيات، فتجد فتاة مثلاً تحيا وسط عائلتها ولكن لأنها لم ترتبط بعد فإنها تعاني من الصراعات الذهنية والنفسية بسبب أفكارها الشخصية عن نفسها أو بسبب كلمات الإيذاء الجارحة لها من الآخرين، فتجدها تتخبط بين الشعور بالرفض والإحساس بالفشل، تتهم نفسها أو تشعر بالظلم من اتهامات الآخرين لها. وفوق كل هذا تحارب بالشعور بالحرمان والاحتياج مما يؤدي للشعور العميق بالوحدة فتحيا منعزلة حتى في وسط عائلتها أو مجتمعها. وللأسف فقد تنجح هذه المشاعر السلبية أن تتسلل حتى إلى داخل شخص له حياة حقيقية مع الرب ولا سيما عندما يسمح لهذه الأحاسيس أن تؤذيه بسبب أي من الظروف السابقة.. أو بسبب عدم شعوره بالتفاهم مع أعضاء الجسد الذين حوله.. أو كونه غير قادر أن يعبر عن نفسه في وسطهم فيستسلم للانعزال أو الانطواء.. وبعيداً عن الأسباب والجذور، فمن المؤكد أن الشعور بالوحدة أو الترك هو إحساس مؤلم جداً وشعور قاتل قد يصيب الشيوخ والمسنين والشباب بل وحتى الأطفال الصغار، وإن أي من يعاني منه يحيا في عذاب حقيقي. وأنا لست بصدد تقديم بحثاً متكاملاً عن أسباب هذا المرض النفسي والروحي، كما أنني لست أريد أن أستطرد في الحديث عن مظاهره ومشاعره لئلا يزيد العدو آلامك وأحزانك إن كنت تعاني منه بالفعل، ولكنني بكل تأكيد على العكس أريد أن أشير لك على العلاج وأشجعك أن تتوقع الشفاء الكامل. ومثلما أتى الملاك يبشر الرعاة بفرح عظيم لجميع الشعب لأنه قد ولد المخلص (لو2: 8-11)، فأنا أيضاً أحمل لك بشارة فرح وشفاء.. لقد جاء يسوع يبشر المساكين ويشفي منكسري القلوب ( لو4: 18). لهذا دعونا ننتقل معاً إلى كلمة الرب الحية والفعالة - كتابنا المقدس - لكي نأتي إلى ينابيع الماء الحي التي يقدمها لنا لنرتوي من ماء الشفاء ونأخذ قوة انتصار. ولهذا فسنبحث معاً في كلمة الله ونجد ما تقدمه لنا من إجابات على التساؤلات وعلاج للأحداث، ونعرف الخطوات الحقيقية للحرية الكاملة والشفاء الحقيقي. الرب يهتم سواء كنت شخصاً يهتم بك الآخرين أم لا، فمن المؤكد أن الرب يهتم بك. إن كل الكتاب المقدس يمتلأ بهذه الحقيقة الهامة وهي إن لله يهتم بنا جداً بل وأيضاً يهتم بمشاعرنا وأحاسيسنا.. وقد أهتم الرب كثيراً بأن يعلن في كلمته أنه الإله الذي يعالج كل مشاعر سلبية فينا ولا سيما الشعور بالوحدة. إن أحد الأسماء التي اتخذها الرب يسوع وذكرها الوحي نبوياً عن ميلاد يسوع منذ أيام إشعياء النبي هو "عمانوئيل" الذي تفسيره الله معنا.. وكأنه يعلن لنا من خلال هذا الاسم أحد صفات محبته وهو الاهتمام بنا.. إنه معنا ولن يتركنا.. فعندما لا نجد أحد معنا يأتي هو ويملأ هذا الفراغ بنفسه. وبالفعل عندما جاء وقت الصلب، حيث كان الرب يسوع سيترك تلاميذه بمفردهم ويصعد هو إلى الآب، كان يسوع حريصاً كل الحرص على مشاعرهم وأعلن لهم قائلاً " لن أترككم يتامى. إني آتي إليكم" يو 14: 18 كما وعدهم بالمعزي الروح القدس الذي سيكون ماكث معهم بل ويكون فيهم. وعند الصعود فعلياً اختتم الرب حديثه مع التلاميذ مؤكداً هذا الإعلان مرة أخرى بهذه الكلمات الشهيرة " .. وهاأنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" مت 28: 20 إن الرب يسوع بكل محبته الحقيقية واهتمامه الصادق بنا هو العلاج الحقيقي لأي شعور بالوحدة؛ إنه الوحيد القادر أن يشفيك ويحررك من هذه الآلام ويشبع كل الاحتياجات. عندما شعر شعب الله في القديم أن الرب قد تركه أو نسيه نجد الرب يتدخل مُعلناً لهم عهد محبته ذاكراً لهم واحدة من أحلى إعلانات الله عن نفسه وألذ الكلمات إلى المؤمنين عندما أكد أنه حتى المرأة قد تنسى رضيعها أما الرب فلن ينسانا.. لقد جعلنا قريبين جداً منه.. لقد نقشنا على كفه (إش 49: 14-16). ومن هنا نجد أن الكتاب المقدس الثمين يقدم لنا حياة رجال الله العظماء والنساء أيضاً وكيف عاشوا حياة قوية منتصرة على الشعور بالترك أو الوحدة. لقد تعرض الكثير منهم لوحدة حقيقية وترك حقيقي ولكن بنعمة الله ومحبته استطاعوا أن يغلبوا العالم ويحيوا غير مشفقين على أنفسهم وغير منحصرين في ذواتهم، بل في حياة ناجحة ومشاعر فرح بالرب العجيب ابتداءً من يوسف في العهد القديم الذي تُرك من اخوته بل وبيع عبداً، إلى بولس الرسول الذي تخلى عنه كثيرين عند محاكمته ولكن الرب وقف معه وقواه. وأعظم هؤلاء هو الرب يسوع نفسه الذي، لأجل أن يكون مُجرب في كل شيء مثلنا تماماً، تعرض هو أيضاً للشعور بالترك وهروب الجميع عنه، ولكنه كمثال لنا أعلن لنا قائلاً " ..وأنا لست وحدي لأن الرب معي." يو16: 32 قارئي العزيز، قبل أن نكمل هذا الحديث أدعوك الآن أن تأتي إلى الرب بكل صدق تفتح له قلبك وتسكب أمامه مشاعرك وجراحك واثقاً ومؤمناً إنه قادر أن يحررك تماما.ً صدق من كل قلبك أنه يوجد لك حرية حقيقية في عمانوئيل. لذا هيا اعلن أنك لن تظل في الشفقة على ذاتك وفي التغذي على المشاعر والأحداث السلبية.. بل ستنطلق من هذا الفخ لتشبع بمحبة الرب ورعايته.. ولن تبقى مستسلماً لهذا السجن فتصير كلماته لك في هذه الرسالة بلا تأثير بل تفتح قلبك لتشرب من ينابيع الماء الحي الآن وتستقبل فيض الشفاء والنصرة. امرأة عظيمة نأتي معاً الآن إلى قصة صغيرة يسردها لنا الكتاب المقدس. ورغم كونها قصة قصيرة وبسيطة جداً إلا إنها قادرة أن تبني إيمانك وترفع توقعاتك بأنك أنت أيضاً يمكنك أن تحيا قوياً وعالياً كالنسور. تقرأ في إنجيل لوقا، عندما أتوا بالرب يسوع وهو طفل إلى الهيكل ليقدموه للرب، عن سمعان الشيخ الذي كان ينتظر أن يرى مسيح الرب ثم يذكر لنا الوحي عن امرأة عظيمة قائلاً " وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير. وهي متقدمة في أيام كثيرة. قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم" لو2: 36-38 لقد امتلأت حياة هذه المرأة بظروف صعبة كثيرة وجازت فيما لم يجوزه كثيرين غيرها، ولكن يمكنك أن ترى بوضوح كيف استطاعت بالرب أن تهزم كل أحداث الحياة. لقد كانت امرأة (وكم كانت مكانة المرأة في تلك الأيام قليلة جداً) وكانت أيضاً وحيدة وقد تعرضت في بداية حياتها إلى مأساة ضخمة عندما توفى زوجها بعد سبع سنين فقط من زواجهما.. واليوم قد أصبحت امرأة مسنة تعدت الثمانين من عمرها.. ولكن يا للمجد! تراها محمولة بالروح ترفع أجنحة كالنسور وتُحلق عالياً غير مستسلمة لأي من هذه الصعاب! قد صارت شيخة في العمر وتقدمت بها الأيام ولكن حيويتها الروحية وشبابها الداخلي لم يُفقد أبداً!. تُرى هل تواجهت مع أزمات وكوارث الحياة بطريقة شخصية؟ مؤكد أن بيننا مَنْ تعرض لوفاة شخص قريب منه جداً سواء زوج أو زوجة.. أب أو أم.. أو أولاد.. هل تعرضت للإيذاء يوم ترك الأب البيت متخلياً عن الأسرة لسبب ما؟ أم تعرضت لخيانة زوجية أو إهمال؟ وهل وسط كل هذا تتهم الله إنه السبب؟ وما هي نتيجة هذه الأحداث في حياتك اليوم؟ أنظر معي إلى هذه المرأة العظيمة؛ فبرغم كل أحداث حياتها الأليمة لا تراها منحنية تشتكي من أثقال الحياة الدنيا بل عابدة بفرح.. نبيه ممتلئة بالروح بل وتكلم الآخرين عن مجيء الرب. فهل يمكن أن يحدث هذا من جديد؟ وهل يمكن أن تختبر أنت شخصياً هذا الشفاء لك أنت أيضاً؟ هل بالفعل يمكننا جميعاً أن نتمتع بالرب بهذا المستوى ولا تظل هذه القصة مجرد خيال أو أسطورة بالنسبة لنا؟ هل تستطيع أن تصدق أن لدى الرب شفاء حقيقي لك أنت من أحداث حياتك مهما كانت مؤلمة، ومن كل ما تركته في حياتك من مشاعر وآلام؟ نعم نعم بكل تأكيد.. فإلهنا عظيم. | |
|