وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ
+ (متى 1: 25) "وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ"
مما يعنى أن يوسف عرف مريم وتزوجها بعد ولادة يسوع.
الرد:
كلمة حتى فى قواعد اللغة العربية:
يقول معجم القواعد العربية للشيخ عبد الغنى الدقر عن كلمة حتى الآتى:
حَتَّى العاطفة: لحَتَّى العاطفة ثَلَاثَة شُرُوط:
1- أن يَكُون المعطوف بحَتَّى ظاهراً لَا مضمراً.
2- أن يَكُون إِمَّا بعضاً مَن جَمَع قَبَّلَهَا نَحْو "قدم النَّاس حَتَّى أمراؤهم وإِمَّا جَزْء مَن كُل نَحْو "أكُلت السمكة حَتَّى رأسها" أَو كجَزْء نَحْو "أعجبنى الْكِتَاب حَتَّى جلدة".
3- أن تَكُون غَايَة لَمَا قَبَّلَهَا، إِمَّا فى زِيَادَة أَو فى نَقَص، نَحْو: "مات النَّاس حَتَّى الأنبياء" و "زارك النَّاس حَتَّى الحجامون" و "بالغلوا فى الثَّنَاء عَلَيْهِم حَتَّى يَزِيدُوا قومى حباً إلى".
كلمة حتى فى الكتاب المقدس:
كلمة حتى في اللغة اليونانية تقرأ "hoesهيوس" وكلمة حتى لها معانى كثيرة فى الكتاب المقدس منها:
أ- حتى بمعنى "إلى أن" أى نهاية الأمر:
1- (تكوين 3: 19) "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا".
قال الرب لآدم بعرق وجهك تأكل خبزاً، أى أن آدم يظل يأكل خبزة بعرق وجهة إلى أن يموت.
2- (تكوين 19: 22) اسْرِعِ اهْرُبْ الَى هُنَاكَ لانِّي لا اسْتَطِيعُ انْ افْعَلَ شَيْئا حَتَّى تَجِيءَ الَى هُنَاكَ».
3- (تكوين 32: 24) فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ انْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
4- (تكوين 38: 11) فَقَالَ يَهُوذَا لِثَامَارَ كَنَّتِهِ: «اقْعُدِي ارْمَلَةً فِي بَيْتِ ابِيكِ حَتَّى يَكْبُرَ شِيلَةُ ابْنِي».
5- (تكوين 43: 14) وَاللهُ الْقَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً امَامَ الرَّجُلِ حَتَّى يُطْلِقَ لَكُمْ اخَاكُمُ الْاخَرَ وَبِنْيَامِينَ
6- (تكوين 49: 10) لا يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَاتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.
7- (دانيال 10: 3) لَمْ آكُلْ طَعَاماً شَهِيّاً وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ وَلَمْ أَدَّهِنْ حَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ.
8- (متى 2: 9) وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ.
ب- حتى بمعنى "لكى":
1- (تكوين 11: 7) هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لا يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ».
2- (تكوين 27: 4) وَاصْنَعْ لِي اطْعِمَةً كَمَا احِبُّ وَاتِنِي بِهَا لِاكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ انْ امُوتَ».
3- (تكوين 27: 10) فَتُحْضِرَهَا الَى ابِيكَ لِيَاكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ».
4- (تكوين 27: 25) فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لِاكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي».
5- (تكوين 43: 14) وَاللهُ الْقَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً امَامَ الرَّجُلِ حَتَّى يُطْلِقَ لَكُمْ اخَاكُمُ الْاخَرَ وَبِنْيَامِينَ.
6- (خروج 3: 11) فَقَالَ مُوسَى لِلَّهِ: «مَنْ انَا حَتَّى اذْهَبَ الَى فِرْعَوْنَ وَحَتَّى اخْرِجَ بَنِي اسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ؟»
ج- حتى بمعنى "ولو":
1- (تكوين 13: 16) وَاجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الارْضِ حَتَّى اذَا اسْتَطَاعَ احَدٌ انْ يَعُدَّ تُرَابَ الارْضِ فَنَسْلُكَ ايْضا يُعَدُّ.
د- حتى تدل على إستمرار الوضع الحالى على ما هو علية:
أى تدخل ما بعدها فى حكم ما قبلها بمعنى:
- إن كان ما قبل حتى مثبت يكون ما بعدها مثبت
- إن كان ما قبل حتى منفى يكون ما بعدها منفى
ولتوضيح ذلك:
(أولاً) حالة الإثبات:
1- (تكوين 27: 4) وَاصْنَعْ لِي اطْعِمَةً كَمَا احِبُّ وَاتِنِي بِهَا لِاكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ انْ امُوتَ».
لا يفهم هنا أن إسحق سيتراجع عن بركتة بعد أن يأكل
2- (تكوين 28: 15) وَهَا انَا مَعَكَ وَاحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ وَارُدُّكَ الَى هَذِهِ الارْضِ لانِّي لا اتْرُكُكَ حَتَّى افْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ».
لا يفهم هنا أن الله سيترك يعقوب عند رجوعة إلى الأرض.
3- (مزامير 110: 1) قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ.
فهل سيترك الله إبنة بعد ان يضع أعداءة تحت موطء قدمية؟
4- (أشعياء 22: 24) فَأَعْلَنَ فِي أُذُنَيَّ رَبُّ الْجُنُودِ: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هَذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا»
أى أن الرب لن يغفر لهم خطياهم ولو إن ماتوا (حتى وإن ماتوا) ولا يفهم من ذلك أن الله يغفر خطايا الإنسان بعد موتة
5- (متى 5: 18) إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ
لا يفهم هنا أن كلام الله سيزول بعد زوال السماء والأرض.
6- (متى 28: 20) وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ
قال السيد المسيح للتلاميذ قبل صعودة أنه سيكون معهم، وكلمة (إلى) هنا تشير إلى (حتى) وبما أن السيد المسيح كان مع التلاميذ قبل صعودة فيكون معهم أيضا بعد صعودة.
(ثانياً) حالة النفى:
1- (تكوين 8: 7) وَارْسَلَ الْغُرَابَ فَخَرَجَ مُتَرَدِّدا حَتَّى نَشِفَتِ الْمِيَاهُ عَنِ الارْضِ.
فلا يفهم أن الغراب عاد إلى الفلك بعد أن نشفت الأرض، فقد إستخدم الكتاب المقدس كلمة حتى بدون للإشارة إلى أزمنة معينة، تماماً مثلم حادثة الغراب فى فلك نوح، فقد قيل أن الغراب لم يرجع حتى جفت الأرض مع أنه لم يرجع قط.
2- (صموئيل الأول 8: 7) فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «اسْمَعْ لِصَوْتِ الشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ. لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ.
جاء النفى هنا واضحاً أن الشعب رفض ملك الله عليهم.
3- (صموئيل الثانى 6: 23) وَلَمْ يَكُنْ لِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا.
فهل أنجبت ميكال بعد موتها؟!!! هنا ما قبل حتى كان منفى فيكون ما بعدها منفى أيضاَ
4- (أشعياء 43: 22) «وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ.
ما قبل حتى منفى (يعقوب لم يدعو الله) فيكون ما بعدها منفى أيضاَ (يعقوب لم يتعب من أجل الله).
5- (يوحنا 9: 18) فَلَمْ يُصَدِّقِ الْيَهُودُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ حَتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذِي أَبْصَرَ.
في قصة المولود الأعمى: لا تعني العبارة هنا أن اليهود صدّقوا أنّه ولد أعمى فأبصر، بعد أن نادوا والديه. بل نص الإنجيل يؤكد أنَّ اليهود بقوا على عدم إيمانهم والبرهان ولم يصدّقوا حتى أبوي الأعمى الذي أبصر.
6- (متى 1: 25) وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.
ما قبل حتى منفى فيكون ما بعدها منفى أيضاَ.
إذن كلمة حتى لا تعني بالضرورة عكس ما بعدها
أى أن يوسف لم يعرف مريم قبل ولادة المسيح
ولم يعرفها أيضاً أثناء الحمل بالمسيح
ولم يعرفها حتى بعد ولادة المسيح.
وقد جاء فى الترجمة البولسية: (متى 1: 25) ووَلَدَتِ ابنَها، وهُوَ لم يَعْرِفْها، فسمَّاه يسوع.
وجاء فى قاموس Strong:
جاءت كلمة حتى هنا لتأكيد نفى ما قبلها لتعطى معنى also even
وبما أن النفى هنا جاء شامل ما قبل وما بعد وقوع الحدث (الولادة) فيمكن تفسير ترجمة الأية كالتالى:
- وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَلاَ حَتَّى بَعْدُ أَنْ وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ.
- وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَلاَ حَتَّى أيْضاً بَعْدُ أَنْ وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ.
بمعنى أن يوسف لم يعرف مريم حتى ولدت إبنها البكر، ولا بعد أن ولدته عرفها أيضاً.
وإن كان البعض غير مقتنع بأن يوسف كان يرعى مريم العذراء بعد خروجها من الهيكل وفقدانها أبوها وأمها وهى فى سن الثامنة، وحتى تكون معه تحت غطاء شرعى وبتدبير إلهى تمت خطبته لها، فإن كان قد إحتشم وتورع عن أن يمسّها قبل ميلاد السيد المسيح، فكم بالأولى والحرى بعد ولادته!!، وبعد أن رأى المعجزات والملائكة والمجوس وتَحقيق النبؤات، وعَلم يقيناً أن الحمل تم بحلول الروح القدس، وأن المسيح إبن العلي يدعى، وهو القدوس عمانوئيل الذى تفسيره (الله معنا) والمخلص.
أتساءل هنا هل بعد كل هذا يتجرأ يوسف أن يمسها ويفكر فى إنجاب أولاد منها!!.
لقد كان هدف الوحى هنا من عبارة "ولم يعرفها حتى ولدت إبنها البكر"، التأكيد على أن المسيح ولد من عذراء بقوة الروح القدس وليس من زرع بشر.
أما عبارة "لم يعرفها" فالزمن المستخدم هنا حسب اللغة اليونانية يفيد الإستمرار ويوضح إستمرار يوسف فى الطاعة وضبط النفس.
لأن أصل الفعل اليونانى المستخدم (جينوسكو ginosko) بمعنى "يعرف، يعلم، يفهم"
والفعل المستخدم هنا فى الآيه هو (إجينوسكين eginosken) فالزياده "e" والنهاية "en"
وهى تبين أن زمن الفعل هو الماضى (المستمر) والذى يعنى أن الفعل إستمر مدة طويلة متصلة (إنتهت بوفاة يوسف النجار)، مما يفيد أن إستخدام الكتاب لعبارة "ولم يعرفها" لا يؤثر عليه إستخدام كلمة "حتى" لأن الزمن المستخدم يؤكد استمرار عدم معرفة يوسف للعذراء بعد الميلاد.
كما جاءت كل الترجمات الإنجليزية تقريباً بصيغة الماضى التام لنفى كلمة حتى، لتؤكد أن يوسف النجار لم يعرف مريم العذراء إطلاقاً لا قبل ولا بعد ولادتها للسيد المسيح إلى يوم وفاتة.
+ (ESV) but knew her not until she had given birth to a son. And he called his name Jesus.
+ (IAV) And knew her not till she had brought forth her firstborn son: and he called his name Yehowshua.
+ (RV) and knew her not till she had brought forth a son: and he called his name JESUS.
+ (Bishops) And knewe her not, tyll she hadde brought foorth her first borne sonne, & called his name Iesus.
+ (Geneva) But he knew her not, til she had broght forth her first borne sonne, & he called his name Iesus.
+ (NIV) But he had no union with her until she gave birth to a son. And he gave him the name Jesus.
+ (ISV) He did not have marital relations with her until she had given birth to a son; and he named him Jesus.
+ (KJV) And knew her not till she had brought forth her firstborn son: and he called his name JESUS.
+ (KJV-1611) And knewe her not, till shee had brought forth her first borne sonne, and he called his name Iesus.
نتذكر موقف المرأة الأرملة التى كانت تأوى فى بيتها إيليا النبى، فهى كانت تعلم قبل أن تراه إنه رجل الله، وبكلمة منه منع الله المطر، ولما كان مقيماً عندها، رأت معجزة الرب على يدية، بأن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص، حتى يعطي الرب مطراً على وجه الأرض، ولما مات إبنها قالت لإيليا هل جئت إلى هنا لتذكرنى بأحزانى حتى إبنى الوحيد مات عند قدومك، وعنما سمح الله برجوع نفس الولد وأن يعود للحياة مرة أخرى، قالت المرأة لإيليا: هذا الوقت علمت أنك رجل الله، وأن كلام الرب في فمك" (الملوك الأول 17: 18-24). كانت المرأة تقول عن إيليا فى قرارة نفسها إنه رجل الله لأنها علمت عنه بالسمع أنه أوقف المطر، كما علمت عنه بالنظر، ورأت بعينها كوار الدقيق الذى لا يفرغ وكوز الزيت الذى لا ينقص، ولكن عند قيامة إبنها من الموت بقوة رب الجنود، فى هذا الوقت!! ووقتها فقط أمنت بالحق أنه هو رجل الله.
يذكرنا هذا الموقف أيضاً بيوسف النجار، فمع أنه آمن بما قاله له الملاك بأن الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ولكنة لم يعرف مريم من حيث مكانتها وقدرها حتى ولدت يسوع ورأى بعينة مجد الله فى أن تكون العذراء أماً بدون زرع بشر، فهو لم يعرف كرامتها ومنزلتها وقيمتها إلا بعد أن رآها بدون زواج أماً.
كما يروى التقليد أن يوسف النجار خطب السيدة مريم العذراء وكان سيتزوجها زواج بتولى ليرعاها ويكون لها بمثابة أب لها بعد خروجها من الهيكل، لأنها نذيرة للرب من بطن أمها، لذلك سلموا الكهنة مريم إليه لأنه كان رجلا بارا، فهو لم يعرف مريم حتى ولدت إبنها البكر ولا عرفها أيضاً بعد أن ولدته، فإن كان قد إحتشم عن أن يمسها قبل ميلاد المسيح، فكم بالاولى بعد ولادة المسيح، وبعد أن رأى المعجزات والملائكة والمجوس وتحقيق النبؤات وعلم يقينا أنه مولود من الروح القدس، وإنه إبن العلى يدعى، وهو القدوس عمانوئيل مخلص العالم أطلق على نفسة (خادم السر الإلهى).
حيث جاء فى ميمر البابا ثيئوفيلوس مخطوط 9/14 من مكتبة مخطوطات دير المحرق
وكتاب ميامر وعجائب العذراء مريم ص 96- 98:
عند موت يوسى فى فى جبل قسقام أثناء رحلة العائلة المقدسة فى مصر:
فنهض القديس يوسف النجار وسالومى وقاما بدفن جثة يوسى بالقرب من البيت، ووضعا على القبر حجراً مربعاً وكتب عليه يوسف باللغة العبرانية: أنا يوسف النجار، الذى من الناصرة، خادم هذا السر العظيم أقرر أننى وخطيبتى مريم العذراء وسالومى، ورب المجد، قضينا فى هذا المكان ستة أشهر وعشرة أيام بذلك الجبل الطاهر وانه فى هذا المكان يرقد يوسى (+)
+ The History of the Virgin Mary related to Timothy, Patriarch of Alexandria. in Legends of Our Lady etc. p. 99
وبميلاد السيد المسيح تحققت فيه نبوءة أشعياء النبى القائل "هوذا العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعو إسمه عمانوئيل (أشعياء 7: 14)، وأيضا "لانه يولد لنا ولد، ونعطى إبنا وتكون الرئاسة على كتفه، ويدعى إسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لانهاية على كرسى داود وعلى مملكته" (أشعياء 9: 6-7) وهذا الجزء الأخير هو الذى اقتبسه الملاك فى بشارته للعذراء (لوقا 1: 31-33).
أما هلفيديوس أحد منكرى بتولية العذراء مريم فقد إعتمد على هذه العبارة:
+ (متى 1: 25) "وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ"
قائلاً أن كلمة "حتى" تعني أنه عرفها بعد الميلاد، وأن عبارة "ابنها البكر" تُشير إلى وجود أبناء آخرين ليسوا أبكارًا.
وأجابة القدّيس جيروم:
كلمة "يعرفها" لا تعني حتمًا المعاشرة الزوجيّة وأنه عرفها جسديا بعد الولادة وإن كان يمكن أن تعني هذا، وكأن القدّيس يوسف لم يعرف قدر ما نالته القدّيسة مريم من نعم عظيمة حتى ولدت يسوع.
وقد أعطى القدّيس جيروم أمثله لذلك.
عندما قال الرسول: "لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه" (كورنثوس الأولى 15: 25)؛ فهل سيملك الرب حتى يصير أعداؤه تحت قدميه وعندئذ يتوقّف ملكه؟
أيضًا قول المرتّل: "أعيننا إليك يا الله حتى يتراءف علينا" (مزمور 123: 2)، فهل يتطلّع النبي نحو الله حتى ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيّه عنه إلى الأرض؟!
ويقول القدّيس جيروم في ردّه على هلفيديوس:
كل ابن وحيد هو بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد.
فإن تعبير "بكر" لا يُشير إلى شخص له إخوة أصغر منه، وإنما يُشير إلى من يسبقه أخ أكبر منه يقول الرب لهرون: "كل فاتح رحم من كل جسد يقدّمونه إلى الرب: من الناس والبهائم يكون لك. ولكن بكر الإنسان ينبغي لك أن تقبل فداءه. وبكر البهائم النجسة تقبل فداءه" (عدد 18: 15).
قول الرب هنا يّعرف البكر على كل فاتح رحم.
لو كان يلزم أن يكون له اخوة أصاغر لكان ينبغي ألا يقدّم البكر من الحيوانات الطاهرة للكهنة إلا بعد ولادة أصاغر بعده، وما كانت تدفع فدية الإنسان والحيوان النجس إلا بعد التأكّد من إنجاب اخوة أصاغر.
ويقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم:
استخدم هنا كلمة "حتى" لا لكي تشك وتظن أنه عرفها بعد ذلك، إنّما ليخبرك أن العذراء كانت هكذا قبل الميلاد لم يمسها رجل قط... ربّما يقال: لماذا استخدم كلمة "حتى"؟ لأنه اعتاد الكتاب أن يستعمل هذا التعبير دون الإشارة إلى أزمنة محدّدة. فبالنسبة للفَلك قيل إن الغراب لم يرجع حتى جفت الأرض (تكوين 8: 7) مع أنه لم يرجع قط.
أما من جهة تعبير: "البكر" فلا يعني أن السيّد المسيح له إخوة أصغر منه من مريم وأنه هو بكرها. فإن كل فاتح رحم يُحسب بكرًا حتى ولو لم يكن بعده إخوة أصغر منه.
قال العلاّمة مار ديونيسيوس يعقوب ابن الصليب مطران مدينة آمد:
يقول العلاّمة مار ديونيسيوس يعقوب ابن الصليب مطران مدينة آمد المولود في أوائل القرن الثاني عشر للميلاد، في كتابه الدر الفريد في تفسير العهد الجديد الجزء الأول عن هذه الآية ما يلي:
قال آخرون (من الشُّراح) ان معنى قوله "لم يعرفها" يعني لم يعرف سمو مقامها وجلال قدرها وانها والدة الإله حتى ولدت ابنها. اذ رأى العجائب وقت ولادته. فالملائكة سبحت والرعاة بشرت والمجوس سجدت ونحن نقول كما ان الله المولود منها لم يتغير كذلك بتولية والدتهِ لم تفسد تلك التي يقول الكتاب انها لم تعرف رجلاً. وزكريا رتبها مع البتولات في الهيكل. ولكن الهراطقة يقولون بانه ان كان لم يحل البتولية فهو لم يأخذ جسداً ولكنه قد حلّ البتولية بخروجِه. فنقول: ان كانت البتول قد ولدت إلهاً فآمن وصدق انها لبثت بتولاً بعد الميلاد لأنها ولدت الهاً قديراً كما يدعوه اشعياء (أشعياء 9: 6).
والبرهان كما خرج المسيح من القبر وهو مغلق، وكما دخل المسيح العلية والأبواب مغلقة، وكما خرجت حواء من جنب آدم، وكما جرت المياه من الصخرة، وكما يمر النور عبر زجاجة مليئة بالماء وينفذ إلى الجهة الأخرة دون أن يثقب الزجاجة أو يسيل الماء الذي بداخلها، فكم بالأحرى أن يولد المسيح من بطن العذراء البتول بدون أن ينقض بتوليتها.
هكذا كانت ولادة الكلمة الذي صار جسداً من رحم العذراء مريم دون أن تفقد بكارتها