كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟
+ (لوقا 1: 31-34) 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». 34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»
مما يعنى أن يوسف عرف مريم وتزوجها بعد ولادة يسوع.
الرد:
قال الملاك لمريم العذراء: ها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً (أي أنا عذراء)"
يتضح من قول القديسة مريم عن عدم إعتزامها الزواج الفعلى بل إعتزامها البتولية كل أيام حياتها، وسؤال العذراء هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها لم تفكر فى الزواج والإنجاب مطلقاً. فلو كانت قد إعتزمت الزواج من يوسف لما كانت قد سألت الملاك هذا السؤال على الإطلاق بل لأعتقدت أن هذا (الحبل) سيتم بعد الدخول الفعلى بيوسف خاصة وأنها مخطوبة له.
ومما يؤكد ذلك أن سؤالها للملاك هو الإستفسار عن كيفية إتمام ذلك الأمر وهى عذراء، لم يكن شكاً منها بل إستفسار، خصوصاً وأن هذا أمر لم يحدث منذ خلق العالم أن عذراء تلد ولم يسمع به إنسان فكان من حقها السؤال.
وهكذا يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنها كانت تود الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: "ومتى يكون هذا؟!" منتظرة تحقيق الوعد من خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة.
والإنجيل يقول أن العذراء وقت بشارة الملاك لها كانت مخطوبة ليوسف النجار، وبالتالى من جهة المعرفة فهى تعلم أن يوسف خطيبها وسيكون زوجها من خلال عقد زواج بتولى ليرعاها فى بيتة بعد موت والديها، ولو كان هناك إتفاق بينهما على الزواج وإنجاب أولاد لكان الأجدر أن تسأل الملاك "ومتى يكون هذا؟" ولكنها سألت الملاك بإندهاش «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»، وكأن مريم قالت للملاك كيف يكون هذا وأنا عذراء للرب ونذيرة للهيكل من بطن أمى، وهنا أجابها الملاك ووضح لها كيفية حدوث هذا السر العظيم قائلاً: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.
وموقف العذراء هنا يختلف تماماً عن موقف زكريا الكاهن عندما بشره الملاك بحبل زوجته وإنجابها ليوحنا المعمدان فقال "كيف أعلم هذا لأنى شيخ وإمرأتى متقدمة فى أيامها" الذى لم يستفد من تجربة إبراهيم وإسحق اللذان أنعم الله عليهما بنسل وهما فى سن متقدمة، وكذلك إستغراب سارة وضحكها عندما بشر الرب إبراهيم بولادة اسحق "وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين فى الأيام. وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعيم وسيدى قد شاخ.. ضحكت سارة قائلة أفبالحقيقه ألد وانا قد شيخت". وهكذا كان إندهاش زكريا من بشارة الملاك أن زوجته كانت عاقراً كما إنهما قد شاخا وهناك استحالة حتى فى مجرد التفكير فى الإنجاب بحسب المقاييس البشرية وكذلك سارة. ولذلك إستفسر زكريا من الملاك عن كيفية حدوث ذلك غير مصدق وسارة ضحكت غير مصدقة
أما القديسة مريم فقد إندهشت وإستغربت ليس عن عدم إيمان بل كإستفسار فمن حقها أن تعرف "كيف يكون لى هذا وانا لست أعرف رجلاً"؟ ولكن حال أعلمها الملاك بسر الحمل الإلهى قالت: "هوذا أنا امة الرب ليكن لى كقولك".
وقد جاءت ترجمات عبارة لست أعرف رجلا فى لوقا (1: 34) كالآتى:
+ ترجمة الأخبار السارة: فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا عذراء لا أعرف رجلا؟.
+ ترجمة الكتاب الشريف: فقالت مريم للملاك: "كيف يمكن هذا وأنا عذراء؟".
+ (ALT) And Mary said to the angel, "How will this be since I do not know a man [fig., since I am a virgin]?"
+ (ESV) And Mary said to the angel, "How will this be, since I am a virgin?"
+ (NIV) "How will this be," Mary asked the angel, "since I am a virgin?"
أقوال الآباء عن قول مريم العذراء: "كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟
القديس يوحنا ذهبى الفم:
- كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلاً، ليس شكاً بل إستفساراً وهو دليل على أنها إعتزمت البتوليه.
- قال الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه" ولم يقل له "زوجتك" هذا الكلام بعد الولادة يثبت إنها لم تعد زوجه له بعد ولادة المسيح بل علاقتها مازالت مع المسيح وليست معه.
- يدعو الخطيبة زوجة كما تعود الكتاب ان يدعو المخطوبين أزواج قبل الزواج، وماذا تعنى "تأخذ"؟ اى تحفظها فى بيتك لأنه بالنية قد أخرجها، احفظ هذه التى أخرجتها كما قد عهد بها إليك من قبل الله وليس من قبل والديها".
- عذراوية مريم كانت سراً مخفياً عن الشيطان مثل امر صلبه.
القديس أغسطينوس:
بالتأكيد ما كانت تنطق بهذا (كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا؟)
فهناك نذر مسبق منها بأن تقدم بتوليتها لله وقد وضعت فى قلبها أن تحققه.
فكأن مريم قالت للملاك المبشِّر: إني لا أريد أن أعرف رجلاً (لا أريد أن أتزوج)
وكان هذا المعنى ضرورى لتبرير سؤال مريم، لأن صعوبة قبولها تكمن فى أنها قررت أن تحافظ على بتوليتها. ونلاحظ، من متابعة النص، أن سؤالها هذا قاد الملاك إلى أن يخبرها -وزواجها بيوسف لم يكتمل- بحبلها العجائبي بيسوع، من دون زرع رجل. وقد أُعلنت لها هذه الحقيقة في ما أُخبرت عن بنوة يسوع الإلهية المرتبطة بهذا الحبل، وذلك لأن روح الله الذي أشرف على خلق العالم (تكوين 1: 2) سيباشر بالحبل بيسوع بخلق العالم الجديد.
القدّيس أمبروسيوس:
لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولا اعتذرت عن قبوله، بل أبدت إستعدادها له
أما عبارة: (كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا؟) فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر... إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة... فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.
لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة: "الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك، فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله". الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل إبنه فى أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له من سرّ إلهي فائق فيه يعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له! أما هذا الإعلان فقد أحنت رأسها بالطاعة لتقول: "هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك".
فهى تصف نفسها أَمََة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.
القديس أغناطيوس:
أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية العذراء وإيلادها وكذلك موت الرب.
العلامة اوريجانوس
أن وجود خطيب أو رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما يظهر الحمل عليها.
القديس باسيليوس:
المسيحيون لا يطيقون أن يسمعوا بزواج العذراء بعد ولادة السيد المسيح لأنه على خلاف ما تسلموه من آبائهم.
العلامة تاتيان:
كان يوسف يسكن مع العذراء فى قداسة.
الأنبا بولس البوشى:
"ذكر انها خطبت ليوسف لكى ما يخفى الرب تدبير التجسد عن الشيطان. لأن النبؤه تذكر بأن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعوا اسمه عمانوئيل. ولهذا كانت البشارة بعد خروج السيدة العذراء من الهيكل إلى بيت يوسف ليخفى سر الحبل فى ذلك.
العلامة يوحنا الدمشقى:
ولما كان عدو خلاصنا يترصد العذارى لسبب نبؤة اشعياء القائل "ها العذراء… ". ولكن لكى يصطاد الحكماء بخدعتهم" فلكى يخدع المتباهى دوماً بحكمته دفع الكهنة بالصبية للزواج من يوسف، وكان ذلك "كتاب جديد مختوم لمن يعرف الكتابة". فأصبح الزواج حصناً للعذراء وخدعه لمترصد العذارى".
القديس أغريغوريوس الصانع العجائب:
أرسل جبرائيل إلى عذراء مخطوبة ولكنها لم تمس. لماذا كانت مخطوبة؟ حتى لا يدرك الشرير (الشيطان) السر قبل الأوان فقد كان عارفاً ان الملك سيأتى من عذراء إذ سمع ما جاء فى اشعياء... وكان يهتم ان يعرف العذراء ويتهمها بالعار، لهذا جاء الرب من عذراء مخطوبة حتى يفسد حيل الشيطان لأن المخطوبة مرتبطة بمن سيكون رجلها.