مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَة
+ (يوحنا 2: 1-4) 1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضاً يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ».
يقول المعترض أن المسيح قال لأمة يا إمرأة وليس يا أمى وهذا تقليل من شأنها، مما يعنى أن مريم كانت إمرأة متزوجة فى ذلك الوقت.
الرد:
كانت كلمة يا إمرأة هو نداء عام فى العرف والعادات اليهودية، وليس من شأنها تقليل شأن المرأة، بل أن هذا الإعتراض مأخوذ من بعض الثقافات العربية التى تعتقد بأن المرأة أقل شأناً من الرجل، وإذ قرأ البعض الترجمة العربية للكتاب المقدس أخذوها على نفس المقياس وهذا غير صحيح.
ومن الجدير بالذكر أن حياة السيد المسيح على الأرض أثناء تجسدة كانت حوالى 33.5 سنة، فهو أعطى لتلك المرأة (مريم العذراء) 30 سنة من عمرة على الأرض فى خدمتها ورعايتها، وأعطى باقى العالم 3.5 سنة لأنه خدمتة بدأت عندما كان فى الثلاثين من عمرة.
ولا شك أن السيد المسيح قد خاطب نساء كثيرات بكلمة "يا إمرأة"، ولكن كونة يخاطب أمّه تحديداً بلقب "إمرأة" هو للتأكيد على نقطتين هما:
1- مريم العذراء تمثل حوّاء الجديدة والمسيح هو نسلها الذى سيسحق رأس الحية:
ولذلك فهو يراها حواء المرأة الأولى قبل السقوط فى الخطيئة.
2- مريم العذراء تحتاج إلى الخلاص مثل كل النساء:
لقد كان المسيح بسابق معرفتة، يعلم أنه سيأتى اليوم الذى يعبد فية الناس مريم العذراء بإعتبارها والدة الإلة، ولذلك لم يميزها عن سائر النساء، فهى تحتاج إلى الخلاص مثل المرأة الكنعانية، والمرأة المنحنية، والمرأة السامرية، ومريم المجدلية اللواتى ناداهم المسيح أيضاً بلقب إمراة.
ولكن كان الأجدر على المعترض أن يقول أن أول معجزة قام بها السيد المسيح فى عرس قانا الجليل بتحويل الماء إلى خمر على الرغم من أن ساعته لم تأت بعد، كانت من أجل خاطر أمة العذراء مريم وإرتفاع قدرها. ومن أجل شفاعتها عنده إستجاب لطلبها فى الحال ورفع من شأنها وكرامتها أمام الحضور، ومن جهة أخرى لو تأملنا حديث العذراء مع يسوع: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»، فهى لم تطلب منه شئ أو أن يقوم بمعجزة، بل مجرد تروى له مشكلة حدثت بالعرس وهى أن الخمر قد فرغت ولا يوجد بعد خمر يقدمة أصحاب العرس الفقراء للضيوف فلو كانوا ميسورى الحال لذهبوا لشراء المزيد من الخمر، وإن كان فى قرارة نفس العذراء تريده أن يفعل شئ من أجل أهل العرس، ولما قال لها السيد المسيح ولكن ساعتى لم تأتى بعد، فلا شك أنها رأت موافقة ضمنية فى عينى يسوع إبنها، وشعرت بعلامات الرضى والإستجابة لطلبها نحو أهل العرس، الأمر الذى شجعها فوراً أن تقول للخدام مهما قال لكم فإفعلوه!!!
معنى كلمة إمرأة فى اللغات:
1- اللغة العبرية
المرأة هى "Isis"، والرجل هو "ايص Is" سواء قبل الزواج او بعده.
2- اللغة اليونانية:
المرأة "gene" سواء كانت أنثى أو زوجه لرجل، إمرأة كجنس وعذراء أو إمرأة متزوجه.
3- اللغة العربية:
كتب الكتاب المقدس باللغة العبرية واليونانية وترجم إلى لغات عديدة منها اللغة العربية، وكلمة إمرأة تعني بشكل عام "أنثى" سواء كانت عذراء أو متزوجة، أى تعنى جنس المرأة مقارنه بالرجل.
مثنى كلمة إمرأة هو إمرأتان، وليس لها جمع. بل جمع إمرأة نساء.
معنى كلمة إمرأة فى الكتاب المقدس:
1- يا إمرأة لقب نداء عام لا علاقة له بتقليل شأن المرأة:
- المسيح خاطب أمة مريم بلقب يا إمرأة فى عرس قانا الجليل:
+ (يوحنا 2: 4) قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».
- المسيح خاطب أمة مريم بلقب يا إمرأة وهو على الصليب:
+ (يوحنا 19: 26) فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفاً قَالَ لِأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ هُوَذَا ابْنُكِ».
- المسيح خاطب مريم المجدلية بلقب يا إمرأة بعد قيامتة:
+ (يوحنا 20: 15) قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟»
- الملاك خاطب مريم المجدلية بلقب يا إمرأة بعد قيامة المسيح:
+ (يوحنا 20: 13) فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ».
- المسيح خاطب المرأة الكنعانية بلقب يا إمرأة:
+ (متى 15: 28) حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ».
- المسيح خاطب المرأة المنحنية بمرض إنحناء الظهر 18 سنة بلقب يا إمرأة:
+ (لوقا 13: 12) فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ».
- المسيح خاطب المرأة السامرية بلقب يا إمرأة:
+ (يوحنا 4: 21) قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ.
- المسيح خاطب المرأة الزانية بلقب يا إمرأة:
+ (يوحنا 8: 10-11) 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».
2- المسيح شبة ملكوت السموات بالمرأة:
+ (لوقا 13: 21) 20وَقَالَ أَيْضاً: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ 21يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيقٍ حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ».
3- إمرأة لقب تكريم:
+ (أمثال 31: 10) اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللَّآلِئَ.
+ (رؤيا 12: 1) وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَباً.
+ (رؤيا 21: 9-10) 9ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ الْمَمْلُوَّةُ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْحَمَلِ». 10وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
4- المنضمات الإناث للكنيسة سواء كن عذارى أو متزوجات هن "نساء" فى العهد الجديد:
"وكان مؤمنون ينضمون للرب اكثر جماهير من رجال ونساء".
+ (أعمال الرسل 5: 14) وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ.
+ (أعمال الرسل 8: 12) وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.
(أعمال الرسل 22: 4) وَاضْطَهَدْتُ هَذَا الطَّرِيقَ حَتَّى الْمَوْتِ مُقَيِّداً وَمُسَلِّماً إِلَى السُّجُونِ رِجَالاً وَنِسَاءً.
5- دعيت حواء إمرأة بعد أن خلقها الله مباشرة وقبل السقوط فى الخطيئة وقبل أن يعرفها أدم:
+ (تكوين 2: 21-24) 21فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتاً عَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْماً. 22وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. 23فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». 24لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً.
6- فى حديث حواء والحية قبل السقوط فى الخطيئة كان لقبها إمرأة:
+ (تكوين 3: 1-6) 1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». 6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ.
7- أثناء عقاب الله لآدم وحواء والحية كان لقبها إمرأة:
+ (تكوين 3: 12-16) 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ»... 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً.
8- بعد صدور العقاب الإلهى على آدم وحواء والحية تحول لقبها إمرأة إلى حواء:
+ (تكوين 3: 20) وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ.
9- إمراة تطلق على الفتاة العذراء:
+ (لاويين 21: 13) هَذَا يَاخُذُ امْرَاةً عَذْرَاءَ.
+ (تكوين 2: 23-24) 23فَقَالَ ادَمُ: «هَذِهِ الْانَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَاةً لانَّهَا مِنِ امْرِءٍ اخِذَتْ». 24لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ ابَاهُ وَامَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَاتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدا وَاحِدا.
+ (تكوين 3: 21) وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا.
+ (تكوين 4: 1) وَعَرَفَ ادَمُ حَوَّاءَ امْرَاتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ».
+ (أمثال 31: 10) اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللَّآلِئَ.
+(غلاطية 4: 4) وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ.
10- إمراة تطلق على الفتاة المخطوبة:
+ (متى 1: 20) وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
+ (متى 1: 24) فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ.
+ (لوقا 2: 4-5) فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى.
مريم العذراء وكلمة إمرأة:
فى عرس قانا الجليل دعيت العذراء مريم كما دعي السيد المسيح وتلاميذه لحضور هذا العرس ولما فرغت الخمر تحدثت العذراء مريم مع المسيح إبنها الكلمة المتجسد، وقالت له موحيه بما يجب عليه عمله "ليس لهم خمر". فقال لها "مالى ولك يا إمرأة لم تأت ساعتى بعد".
وقد ظن بعض الهراطقه وغيرهم أن فى هذا القول تحقيراً للعذراء أو إبعاداً لها عن طريق الرب. ولكن هذا مستحيل فواضع الناموس لا يمكن ان يخالف شريعته، فهل يمكن أو يعقل أن يخالف الوصية القائلة "أكرم أباك وأمك"، هل يخالف الناموس واضعه وهو القائل "لا تظنوا أنى جئت لأنقض بل لأكمل"، هل يعقل أن يهين أمه وهو الذى قال عنه الكتاب "قدوس بلا شر ولا دنس قد إنفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات"، وهو الذى قال عنه الكتاب أيضاً أنه كان خاضعاً لأمه وأبيه الاعتبارى يوسف النجار "وكان خاضعاً لهما".
حاشا وكلا: لم يكن فى كلام الرب مع أمه العذراء المباركة أي تناقض مع إحترامه وخضوعه لها حسب الوصية وهذا ما أعلنه الكتاب عنه.
لقد كان السبب الحقيقى فى تصرف المسيح هو قوله لها: "لم تأتى ساعتى بعد"، لم تأت ساعته بعد لإعلان عمله المسيانى علناً، لم تأت ساعته بعد ليعرف العالم كل ما تعرفه وما لا تعرفه أمه المباركة عنه. لم تأت ساعته بعد لأن كل عمل كان يعمله لم يكن خاضعاً للصدفة أو الظروف وإنما كل شئ معلوم لديه منذ الأزل "معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله" وهذا يتضح أيضاً من أقوال الكتاب الكثيرة فى هذا الشأن كقوله قبل العشاء الربانى: قد أتت الساعة ليتمجد إبن الإنسان فجاءه صوت من السماء مجدت وأمجد أيضاً، ولما اقتربت ساعة الصلب قال "قد آتت الساعة"، ومع ذلك كانت ثقة العذراء فى ولدها الإلهى غير محدودة، لذا قالت للخدام "مهما قال لكم فافعلوه"، فاستجاب السيد له المجد لطلب أمه وأيضاً لإعلان مجده أمام تلاميذه ليؤمنوا به.
ومناده الرب يسوع لأمه العذراء المباركه بلقب "يا امرأة" فضلاً عن إنه لا يحمل أي معنى لإهانة او جفاء، كما يحمل معنى عظيم لأنها المرأة الموعودة بأن يأتى منها "نسل المرأة" فهو أيضاً فى ذلك العصر كان لقب تكريم بمعنى يا "سيده" ويدل على الإجلال والإحترام ففى الأدب اليونانى يخاطب "اوديسيوس" زوجته المحبوبه "بنلوب" بلقب "يا امرأة" واغسطس قيصر خاطب كليوباترا ملكة مصر بنفس اللقب "يا امرأة" مما يدل على ما كان لهذا اللقب من تكريم واحترام.
كما نادى الملاك على مريم المجدليه بنفس اللقب "يا امرأة" وكذلك الرب يسوع أيضاً ناداها قائلاً "يا امرأة لماذا تبكين" ولم يكن فى هذا أي تحقير او توبيخ لها وإنما إجلال وإحترام. فالأولى زوجه محبوبه والثانية ملكة والثالثة غير متزوجه.
وهذا اللقب إستخدمه أيضاً الرب وهو على الصليب، فى وقت كان يتحمل فيه كل الألام البشريه على الصليب، وكان يعانى سكرات الموت واحتجاب وجه الأب عنه، وسط آلامه الرهيبه، ومعركته الأخيرة وهو يصارع الشيطان لم يغب عنه ما تعانيه أمه من حزن شديد، فقد جاز فى نفسها سيف كنبؤة سمعان الشيخ ولم ينس واجبه كأبن، فسلمها لتلميذه الحبيب قائلاً "يا امرأة هوذا ابنك" وهذا يدل على الحب الذى لا حد له لأمه، نسى آلامه وفكر فى آلام والدته، فناداها "يا امرأة" ولم يقل "يا أمى" لكى لا يزيد قلبها جرحاً كما قال اسحق لأبيه وهو يقدمه للذبح "يا أبى" أسلمها لتلميذه، الحبيب ولعنايته كما اعتنى بها من قبل يوسف النجار. وفى هذا دليل على أن العذراء لم يكن لها أولاد من يوسف.
قال القديس اوغسطينوس فى تعليقه على لقب "امرأة".
"فى الواقع حتى العذراء نفسها دعيت "امرأة" ليس لأنها فقدت بتوليتها ولكن لأن هذا التعبير هو المألوف فى لغة شعبها والرسول بولس نفسه يقول عن الرب "ولد من امرأة" وهذا لا يعنى تحطيم إيماننا الذى نعترف فيه انه "ولد من الروح القدس ومن مريم العذراء" لأنها كعذراء حبلت وكعذراء ولدت واستمرت عذراء، ولكن فى اللغة العبرانية فكل أنثى إمرأة، وها هو اوضح مثال لذلك، أول أنثى صنعها الله أخذ اياها من جنب الرجل هى أيضاً دعيت امرأة قبل ان ترقد مع رجل إذ ان ذلك حدث بعد خروجها من الفردوس لأن الكتاب يقول "وعملها الرب …إمرأة".
قال القديس كيرلس الكبير:
لم يقل "يا أماه" بل "يا امرأة"، لأن ما يمارسه بخصوص تحويل الماء خمرًا لا يصدر بكونه إنسانًا أخذ جسدًا من مريم العذراء، وإنما بعمل لاهوته. حقًا ليس انفصال بين لاهوته وناسوته، وما يمارسه السيد المسيح هو بكونه كلمة الله المتجسد، لكن بعض الأعمال هي خاصة به كابن الله الوحيد، والبعض بكونه ابن الإنسان.
لماذا قال "لم تأتِ ساعتي بعد" وقد قام في نفس الساعة بعمل المعجزة؟ لقد أوضح لها أن ساعته للقيام بآيات علنية ومعجزات عامة أمام الجميع لم تأتِ بعد، لكنه يعمل دومًا. وقد تمم الآية في هدوء بعد أن قدم الخدام الأجران حتى أن رئيس المتكأ والعريس لم يعرفا ذلك وإنما الخدام وحدهم
لكي تتأكد من احترامه العظيم لأمه استمع إلى لوقا كيف يروي أنه كان "خاضعًا لوالديه" (لوقا 2: 51)، ويعلن يوحنا كيف كان يدبر أمرها في لحظات الصلب عينها. فإنه حيث لا يسبب الوالدان أية إعاقة في الأمور الخاصة بالله فإننا ملتزمون أن نمهد لهما الطريق، ويكون الخطر عظيمًا إن لم نفعل ذلك. أما إذا طلبا شيئا غير معقول، وسببا عائقًا في أي أمر روحي فمن الخطر أن نطيع! ولهذا فقد أجاب هكذا في هذا الموضع، وأيضًا في موضع آخر يقول: "من هي أمي؟ ومن هم اخوتي؟" (متى 12: 48)، إذ لم يفكروا بعد فيه كما يجب. وهي إذ ولدته أرادت كعادة بقية الأمهات أن توجهه في كل شيء، بينما كان يلزمها أن تكرمه وتسجد له، هذا هو السبب الذي لأجله أجاب هكذا في مثل هذه المناسبة.
قال البابا إغريغوريوس الكبير:
لأن العذراء الأم رغبت في أن يصنع معجزة عندما فرغت الخمر، لذلك للحال أجابها بوضوح كما لو قال: "إني أستطيع أن أفعل معجزة تأتي من عند أبي لا من عند أمي". فإن ذاك الذي في ذات طبيعة أبيه صنع عجائب جاءت من أمه، وهو أنه يستطيع أن يموت. وذلك عندما كان على الصليب يموت. لقد عرف أمه التي عهد بها لتلميذه قائلاً: "هذه أمك" (يوحنا 19: 27). إذن بقوله: "ما ليّ ولك يا امرأة لم تأتِ ساعتي بعد" تعني المعجزة التي ليست من طبيعتك لست أعرفك فيها. عندما تأتي ساعة الموت سأعرف أنكِ أمي إذ قبلت ذلك فيك أنني أستطيع أن أموت.
قال القديس أغسطينوس:
هكذا تقبلت أمومة جامعة الكنيسة. هذه العلاقة التى قامت بين حواء الجديدة وكل المؤمنين خلال التجسد قد أعلنت رسمياً بواسطة آدم الثانى وهو على الصليب، إذ قال لحواء الجديدة" يا إمرأة هوذا أبنك " وقال لمؤمنيه "يا يوحنا هوذا أمك" خلال الصليب، فقبلنا حواؤنا الجديدة من يد الله.
لقد تقبلنا القديسة مريم حواؤنا الجديدة فنقول لانها مع آدم: المرأة التى أعطيتنى معينة لى حواء الجديدة، اعطتنى لأكل من شجرة الحياة، اى من صليب إبنها.
وقد إعتادت الكنيسة أن تلقب القديسة مريم أم جميع الأحياء وأم الحياة الجديدة وحواء الثانية فإن كانت حواء قد فقدت المعنى اللائق بإسمها كأم كل حى، إذ خلال عصيانها جلبت على اولادها الموت عوض الحياة وصارت أم كل ميت فإن إبنتها القديسة مريم قد إحتلت مركزها خلال إيمانها وطاعتها وإتضاعها وهكذا صارت بالروح القدس أم الحياة تقدم لأبناء آدم شجرة الحياة ليأكلوا ويحيوا الى الآبد هذا وقد صارت القديسة مريم خلال سر التجسد أما لا للرأس فقط بل لأعضاء جسده السرى أيضاً.