موضوع: التكلم بالسنة الأربعاء مايو 26, 2010 12:10 am
التكلم بالسنة
فما هو تعليم الكتاب عن التكلم بألسنة . نلاحظ النقاط الآتية من دراسة الكتاب وبخاصة { 1كو14} الذي يمكن أن نسميه أصحاح الألسنة . 1)* الألسنة هي الأخيرة في ترتيب المواهب :
عندما ذكر بولس الرسول مواهب الروح في رسالته الأولي إلي كورنثوس ، جعل التكلم بألسنة وترجمة الألسنة في آخر المواهب فقال : { فأنواع مواهب موجودة ، لكن الروح واحد فإنه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة ولآخر كلام علم حسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح ، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد . ولآخر أعمال قوات ، ولآخر نبوءة ولآخر تمييز الأرواح . ولآخر أنواع الألسنة بمفرده كما يشاء }{1كو12: 4-11}. وهكذا جعل التكلم بألسنة ، ترجمة الألسنة ، في آخر قائمة المواهب ، ويسبق الألسنة : الحكمة ، والعلم والإيمان ، ومواهب الشفاء ، وأعمال القوات ، والنبوءة وتمييز الأرواح .. وقال الرسول أيضا : { فوضع اله أناساً في الكنيسة : أولاً رسلاً ، ثانياً أنبياء ثالثاً معلمين ، ثم قوات ، وبعد ذلك مواهب شفاء ، أواناً تدابير ، وأنواع ألسنة {1كو12: 28}. وهكذا وضع التكلم بالسنة في آخر المواهب ….
*** وقال : ر جدوا للمواهب الحسني ، وأيضا أريكم طريقا أفضل}{1كو13:12}.وشرح أن هذا الطريق الأفضل هو المحبة {1كو13} وشرح كيف أن هذه المحبة أهم وأعظم من النبوءة وكل علم ،ومن كل الإيمان الذي ينقل الجبال ، ومن العطاء والنسك . وشرح أن المحبة أهم من التكلم بالسنة الناس والملائكة .. وليس ألسنة الناس فقط . فقال : {إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة .. وليس ألسنة الناس فقط . فقال { إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ، ولكن ليس لي محبة ، فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن {1كو1:13}.
*** 2)* التكلم بألسنة ليس للكل : رأينا فيما تقدم أن الله { قسم لكل واحد بمفرده كما يشاء }{1كو11:12}. { ولنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا }{رو6:12}. { وكما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان }{رو3:12}. ومن جهة التكلم بألسنة قال بصراحة : { ألعل الجميع رسل ؟ ألعل الجميع أنبياء ؟ ألعل الجميع معلمون ؟ ألعل الجميع أصحاب قوات ؟ ألعل للجميع مواهب شفاء ؟ ألعل الجميع يتكلمون بألسنة ؟ ألعل الجميع يترجمون }{1كو12: 29،30}. وواضح من هذا أن الموهبة ليست للجميع . إذن فحتى في العصر الرسولي لم يكن من الضروري أن ينال كل مؤمن موهبة التكلم بألسنة التي لم تكن علامة ضرورية لاثبات حلول الروح في الإنسان . فقد يكون الإنسان قديساً ولا يتكلم بألسنة . إن الله يعرف متي يعطي المواهب ، ولماذا يعطيها . وقد منح التكلم بألسنة في عهد الرسل بوفرة شديدة في بداية الكرازة ، من أجل البنيان ، إذا كانت لأزمة جداً في ذلك الزمان . ولكن الألسنة ليست لازمة لكل زمان ، وفي ذلك يقول الكتاب : { أما اللسنة فستنتهي }{1كو8:13}. وحتى في زمن الرسل ، ماذا كانت شروط التكلم بألسنة ؟ إننا بقراءة {1كو14}. نري شروطاً منها : 3)* يجب أن تكون الألسنة لبنيان الكنيسة : إن أهم عبارة تميز أصحاح الألسنة {1كو14}، هي كلمة { للبنيان } ذكرها الرسول مرات عديدة ، وأصر عليها جداً. وقال في صراحة : { فليكن كل شئ للبنيان }{1كو26:14}. وقال أيضاً : { هكذا أنتم أيضاً ، إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل بنيان الكنيسة أن تزدادوا }{ع12}. ومن أجل بنيان الكنيسة ، ذكر أن { من يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة }{ع5}.لأن { من يتكلم بلسان يبني نفسه ، وأما من يتنبأ فيبني الكنيسة }{ع4}. وكانت كلمة التبوء تعني قديماً التعليم أيضاً . وقد فضل الرسول هذا التنبوء { لأن من يتنبأ ، يكلم الناس ببنيان ووعظ وتعزية }{ع3}.
*** 4)* شرط أساسي للألسنة هو ترجمتها : قال الرسول : رمن يتكلم بلسان ، فليصل لكم يترجم }{ع13}وأضاف : { ولكن إن لم يكن مترجم ، فلصمت في الكنيسة }{ع28}. والسبب عند الرسول واضح ، وهو بنيان الكنيسة . وفي البنيان فلصمت . وعبارة { يصمت }هي أمر رسولي . إذن : إما بنيان الكنيسة بالترجمة ، وإما الصمت . إن وجود المترجم شهادة علي صحة التكلم بلسان . وهكذا تكون موهبة الألسنة لشخص في وقت واحد : أحدهما هم المتكلم والثاني هو المترجم وينطبق قول الكتاب : { علي فم شاهدين أو ثلاثة ، تقوم كل كلمة } إن كانت الألسنة بل ترجمة فما لزومها ؟وكذلك ما لزومها إن كان الحاضرين يفهمون اللغة ؟
5)* مت معني } يبني نفسه {؟ يبني نفسه ، أي يكون في حالة روحية خاصة ، حالة حلول الروح ، وهي نافعة لبيانه الشخصي . هذه الحالة عليها ملاحظتان ذكرهما القديس بولس وهما : أ- يصمت ، كأي عمل روحي خاص ، بينه وبين الله . وفي ذلك قال : { فليصمت في الكنيسة ، وليكلم نفسه والله }{ع28} أمر بينه وبين الله ، يليق به المخدع المغلوق ، وليس الكنيسة أمام الناس . حينئذ يكون التكلم بلسان ، كنوع من الصلاة ، وحتي علي هذه يوجد تعليق : ب- يكون الذهن بلا ثمر ، مجرد عمل للروح : وفي هذا يقول الرسول : {لأنه إن كنت أصلي بلسان ، فروحي تصلي وأما ذهني ويصلي بذهنه أيضاً . يرتل بروحه ، ويرتل بذهنه أيضاً { ع15}. لكي يكون بنيانه الروحي أثبت وأقوي .
*** علي الرغم من عبارة : { يبني نفسه } هذه التي ذكرها الرسول في حرص وبملاحظات ، وأظهر أنها بنيان ناقص ، فان الرسول ، لأجل البنيان أيضاً يقول : { أشكر إلهي أني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم . ولكن في الكنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني ، لكي أعلم آخرين أيضاً . أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان }{ع18،19}. إذن لا داعي لأن يسعى الناس بكل قواهم للتكلم بألسنة ويظنوها نصراً عظيماً . هذا إذا كانت الألسنة موهبة حقيقية ن الروح القدس فماذا نقول إذن إن كان البعض يدعون أنهم يتكلمون بالسنة ، ولا نضمن صحة هذا الإدعاء ..
*** 6)* الألسنة آية لغير المؤمنين :
يقول الرسول عن التكلم بألسنة { إذن الألسنة آية لا للمؤمنين ، بل لغير المؤمنين ..}{1كو22:14}. ولأجل هذا السبب منح الله هذه الآية للكنيسة في بدء العصر الرسول ، لأجل انتشار الكرازة ، ولكي يصل الإيمان إلي شعوب وأمم لا تعرف لغة الأباء الرسل { الأرامية – او العبرية } . فيبشرون بالألسنة ، كما حدث في يوم الخمسين { فبهت الجميع وتعجبوا ..}{وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته }{أع2: 7،6}. ولكن ما منعي أن يقف شخص وسط أناس يتكلمون بنفس لغته ، لكي يكلمهم بلغة غريبة .. لهذا اشترط الرسول وجوب الترجمة { ولكن إن لم يوجد مترجم فليصمت }{1كو28:14}.
*** 7)* الرسول اعتبر التكلم بألسنة تشويشاً ، إن لم يكن للبنيان . فقال { إن كان الجميع يتكلمون بألسنة ، فدخل عاميون أو غير مؤمنين ، أفلا يقولون إنكم تهذون }{1كو23:14}. {وهكذا أنت أيضاً إن لم تعطوا باللسان كلاماً يفهم .. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء }{1كو9:14}}فإن كنت لا أعرف قوة اللغة ، أكون عند المتكلم أعجمياً ، والمتكلم أعجمياً عندي }{1كو11:14}. أقرأ كل الإصحاح لتثبيت من نفس المعني …..
الكل ينادي بالتوبة . لا يجادل في أهميتها أحد . ولكن التوبة عند الأرثوذكس شئ ، وعند الطوائف الأخري شئ مختلف تماماً ، من جهة ما هيتها ، ومفعولها ، واتمامها ، ولزومها للخلاص ، وما يتعلق بها من أمور أخري . وسنتناول الآن هذه الخلافات واحداً فواحدا : 1)* التوبة } ســــــر { : التوبة في المفهوم الأرثوذكسي هي سر أسرار الكنيسة السبعة اسمه سر التوبة { أما الطوائف البروتستانتية – وهي لا تؤمن بأسرار الكنيسة – فلا تنظر إلي التوبة كسر مقدس . وهناك إذن فرق بين { التوبة}و{ سر التوبة} ولهذا الفارق دلالاته ونتائجه اللاهوتية . فما هي ؟
*** 2)* التوبة والاعتراف : في المفهوم الأرثوذكسي ، يمثل الاعتراف بالخطية جزءاً أساسيا من سر التوبة . ونقصد به الاعتراف علي الأب الكاهن { من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم }{أم13:28}. وقد مارس الناس الاقرار بالخطية { الاعتراف بها } في العهد القديم { فإن كان يذنب في شئ من هذه ، يقر بما قد أخطأ به ر ويأتي إلي الرب بذبيحة لاثمه }{لا5:5}، والكتاب مملوء بأمثلة من الاعتراف واستمر الأمر إلي آخر نبي في العهد القديم ، او فترة ما بين العهدين ، يوحنا المعمدان ، والذي أتاه الناس من كل موضع { وأعتمدوا منه في الأردن ، معترفين بخطاياهم }{مت6:3}. وفي العهد الجديد ، مارسوا الاعتراف بالخطية أيضاً .. { وكان كثيرون من الذين آمنوا ، يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم }{أع18:19}{ واعترفوا بعضكم علي بعض بالزلات }{يع16:5}. أما الطوائف البروتستانتية فلا تعتقد بالاعتراف ، ولا تدخله ضمن نطاق التوبة . 3)* التـــوبـــة والكنيسة : حقا أن التوبة عمل داخل القلب ، يشمل الندم وتبكيت الضمير والعزم علي ترك الخطية وتركها بالفعل ،قلباً وعملاً . ولكن التوبة تتم داخل الكنيسة بالاعتراف والتحليل … من جهة الخاطئ ، والاعتراف بالخطية ومن جهة الكاهن ، قراءة التحليل ومنح المغفرة { اقبلوا الروح القدس ، من غفرتم خطاياه تغفر له ، ومن امسكتم خطاياه أمسكت }{يو20: 22،23}. ويتبع هذا أيضاً الإرشاد الذي يتلقاه التائب من أبيه الروحي ، لكيما يثبت في توبته . أما الطوائف البروتستانتية ، فتقدم توبة منفصلة تماما عن الكنيسة ، مجرد عمل فردي لا علاقة له بالكهنوت . لن البروتستانتية لا تؤمن بالكهنوت إنما تؤمن بعلاقة مباشرة مع الله . والطوائف البروتستانتية في هذا الأمر علي نوعين : 1)* نوع يهاجم الاعتراف والكهنوت علناً . وهو النوع الأضعف لأنه مكشوف ، يحترس منه الثابتون في العقيدة ، كما أن آراء ظاهرة يمكن الرد عليها . 2)* النوع الثاني لا يهاجم الاعتراف و لا الكهنوت ولا التناول ، لكنه يريد أن ينسي الناس هذا الأسرار ، بعدم الحديث عنها ، وبتقديم بديل لها ، كأن يقول : أنت محتاج إلي التوبة ، والرجوع إلي الله . اذهب إليه اطرح نفسك عند قدميه ، اترك خطاياك عنده ليمحوها بدمه ، وتخرج في الحال مبرراً . كأن لم يخطئ من قبل . يغسلك فتبيض أكثر من الثلج … وفي كل هذا ، لا يتحدث عن أهمية الاعتراف والتحليل والتناول ، يتركها لينساها الناس . وفي نفس الوقت يرون أمامهم كلاماً روحياً ، فينخدعون به ، وما أكثر البسطاء ، إنه طريق غير مكشوف ، وواجبنا أن نكشفه للناس .
*** 4)* التوبة والخلاص :
كثير من البروتستانت يحاولون أن يبعدوا التوبة عن موضوع الخلاص ، في تركيزهم علي دم المسيح ، قائلين للناس ، أنت تخلصون بدم المسيح ، وليس بالتوبة . فالتوبة عمل من الأعمال وأنت لا تخلصون بالأعمال . ونحن لا ننكر أن الخلاص يتم بدم المسيح . ولكن المسيح نفسه يعلمنا أنه لا خلاص بلا توبة . ويقول في ذلك { إن لم تتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون }{لو3:13}. إن التوبة لازمة للخلاص أنه لا يوجد أحد لا يخطئ ، ومادامت هناك خطية فللخطية عقوبة ، واجرة الخطية موت . ولا خلاص من هذا الموت إلا بالتوبة . التوبة تجعلنا مستحقين لدم المسيح . وإن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون . 5)* التوبة وعمل النعمة : تري كثير من الطوائف البروتستانتية أن التوبة هي عمل من أعمال النعمة ، وإن كل مجهودات الإنسان لا قيمة لها . يكفي أن يلقي الإنسان نفسه تحت قدمي المسيح فيخلصه من خطاياه . والتعليم الأرثوذكسي يري أن كل حياة الإنسان الروحية هي شركة بين الإنسان والروح القدس . الروح القدس يعين ، ولكن الإنسان لابد أن يجاهد . وإن لم يجاهد يبكته الرسول بقوله { لم تقاوموا بعد حتي الدم مجاهدين ضد الخطية }{عب4:12}. والكتاب يصور الحياة الروحية حربا إلي سلاح الله الكامل إنها { مصارعة ليست من لحم ودم ، بل مع أجناد الشر الروحية }{أف6}، وهذه الحروب تحتاج بلا شك أن يقاتل الإنسان وينتصر … هذا القتال ، هو ما عناه السيد المسيح في رسالته إلي ملائكة الكنائس السبع بقوله { من يغلب فسأعطيه }{رؤ3:2}. إن النعمة لا تعمل كل شئ ـ وإلا ما كان الله يقول { ارجعوا إلي أرجع إليكم }.
*** 6)* التوبة والاختبارات : الفكر البروتستانتي يعتبر التوبة اختباراً ، ويشجع أن يحكوا للناس عن اختباراتهم ، فيسمع منهم عبارة { أنا كنت {كذا } وصرت الآن كذا { ويظل يحكي عن خطاياه القديمة أما الكل بلا خجل ، مغطيا اياها بما وصل إليه من نعمة ! وإنه صمت يقولون له ر احكي اختباراتك }. أما الأرثوذكسية فتمنع هذه القصص لأنها غالباً ما تحمل افتخاراً بالتغير الذي وصل إليه التائب …..
7)* التوبة بين الفرح والانسحاق : تميل الأرثوذكسية إلي انسحاق نفس التائب ، متذكراً ما أساء به إلي الله ، مبللاً فراشة بدموعه كما فعل داود النبي .. أما البروتستانتية فتدعو الناس إلي الفرح الذي لا انسحاق فيه . بل كثيراً ما يتحول التائب حديثا إلي خادم ، بطريقة مباشرة ، لا تعطيه فرصة للحزن الداخلي علي خطاياه . ويعللون ذلك بأنه يجب أن يفرح بالخلاص .. وردنا علي ذلك أنه ، أنه في تناول خروف الفصح – وسط فرح الشعب بنجاحه من سيف الملاك المهلك ، كان يأكل الفصح علي أعشاب مرة حسب أمر الرب { خر8:12}. والأعشاب المرة كانت تذكرهم بخطاياهم ، التي بسببها وقعوا في عبودية فرعون .. حقاً إن أكل الفصح يذكرهم بالخلاص وبهجته ، ولكن الفصح يجب أن يؤكل علي أعشاب مرة . ما هو مركز { الأعشاب المرة } في التوبة بالمفهوم البروتستانتي ؟! إن أحد الكتب البروتستانتية هاجم حتي مجرد عبارة { يارب ارجم } التي نقولها في صلواتنا ، كما هاجم كل عبارات الانسحاق ، واتهمها بأنها ضد { بهجة الخلاص }! * التوبة والتجديد : إن ما نسميه في الأرثوذكسية { توبة } كثيرا ما يسميه البروتستانت تجديدا ، أو ولادة جديدة أو خلاصاً .. فيسالون بعضهم بعضاً { هل تجددت ؟ هل خلصت ؟ هل اختبرت الولادة الجديدة !} . ويكون كل ما يقصدونه هو عملية توبة ، لا اكثر ولا أق . مر بها هذا الشخص … في المفهوم الأرثوذكسي ، كل هذه التعبيرات : التجديد ، الولادة الجديدة ، الخلاص ، تتم في سر المعمودية . أما التوبة فهي عملية تغيير في سلوك الإنسان .
*** 9)* التوبة تسبق الأسرار : إنها تسبق سر المعمودية ، كما قال بطرس الرسول { توبوا وليعتمد كل واحد منكم }{أع38:2}. وهي تسبق التنول كما قال معلمنا بولس الرسول { 1كو11: 27-29}. وهي تسبق سر مسحة المرضي { يع5: 14-15}. وهكذا باقي الأسرار مادامت الأسرار نتعماً من الروح القدس ، ينبغي إذن التمهيد لها بنقاوة القلب بالتوبة .. أما البروتستانت ، فإذ لا يؤمنون بأسرار ، ولا بالتوبة كسر فهذا الكلام كله خارج عن مفاهيمهم .
*** 10)* التوبة – السلوك ، والأعمال : البروتستانت لا يرون الحياة المسيحية حياة سلوك وعمل ، بل هي حياة نعمة وإيمان ، والأرثوذكسية يهمها الإيمان والنعمة ، ولكنها تنادي مع الرسول { بأعمال تليق بالتوبة }{مت8:3}. وتري أن السلوك المسيحي ، ولازم للخلاص . فإن كان البروتستانت يصرون علي أهمية الدم لتطهير الإنسان ، فإننا نضع أممهم قول يوحنا الرسول { في علاقة السلوك بالدم }{ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور ، فلنا شركة بعضنا مع بعض ، ودم يسوع ابنه يطهرنا من كل خطية } {1يو1: 7}… وهذا وضع السلوك كشرط . لا تطهير بالدم بدون التوبة . التوبة شرط أساسي .
وساطة الكنيسة
+++ قال القديس بولس عن عمل السيد المسيح الكفارى في الفداء : { يوجد .. وسيط واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية من أجد الجميع }{1تي5:2ؤ. وواضح هنا أن الكلام عن الفداء . وبنفس المعني قال القديس يوحنا الرسول :{ إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الله الآب : يسوع المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا العالم كله {1يو2: 1،2}. وواضح أن الكلام عن الكفارة والشفاعة الكفارية . إذن الوساطة التي تحدث عنها بولس الرسول خاصة بالفداء . والشفاعة التي تحدث عنها الرسول خاصة بالكفارة .. ولكن أخوتنا البروتستانت يستخدمون هاتين الآيتين إستخداماً واسعاً يخرجهما عن موضوع الكفارة والفداء ، غلي أنكار كل ما يعتقدونه وساطة بين الله والناس . فيعتقدون بعلاقة مباشرة بين الله والناس .. تجعلهم في غير حاجة إلي الكهنوت ووساطة الكنيسة .! هم يعتبرون الكهنوت وساطة ، فلا يؤمنون به !! وكذلك شفاعة القديسين وساطة . فلا يعتقدون بها ! وأيضاً الإعتراف ، والتحليل هما من عمل الكهنوت ، فلا حاجة لهم بهما ، إنها في علاقة مباشرة يعترفون علي الله ، ويأخذون المغفرة منه مباشرة … وحتي بعد الوفاة ، لا أهمية في نظرهم للصلاة علي الموتي ، لأنها شفاعة من الكنيسة فيهم ..! ولون من الوساطة !
*** ولنضرب مثلاً آخر بالمعمودية . الولادة الجديدة التي ننالها في المعمودية {يو3: 5، تي 3،5}، وكذلك التبرير وغفران الخطايا بالمعمودية {أع2: 38،22: 16}. يعتقد الإنسان البروتستانتي أنه ينال كل هذا بمجرد إيمانه . ويدخل الأمر إذن في علاقته المباشرة مع الله ، ولا حاجة إلي الكهنوت والكنيسة … كأن المعمودية لا قيمة لها ، ولا علاقة لها بموضوع الخلاص !! وكأن السيد المسيح لم يقل { من آمن واعتمد خلص }{مر16:16}. مع باقي الآيات التي تربط بين المعمودية والخلاص ، مثل {1بط3: 20،21}. {تي5:3}. وهكذا يصل إلي الخلاص اللحظي ، أو الخلاص في لحظة ! ولأن المعمودية تتم عن طريق الكهنوت والكنيسة ، إذن لا دخل لها في موضوع خلاصه الذي يتوقف في اعتقاده علي مجرد العلاقة المباشرة بينه وبين الله ، دون وساطة الكنيسة ! أي بإيمانه الشخصي … الأيمان
وهنا أحب أن أسأل سؤالاً بخصوص هذا الإيمان . الإيمان الذي يري المسيحي البروتستانتي ، أنه ينال به التبرير والتجديد والتبني ومغفرة الخطايا ، والخلاص عموماً… حتي يقول البعض { كله بإيمان }. كيف ينال الإنسان الإيمان ؟ أليس عن طريق الكنيسة ؟ يقول القديس بولس الرسول في شرح عبارة { كل من يدعو بأسم الرب يخلص }{رو13:10}. { فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به ؟ وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به ؟ وكيف يسمعون بلا كارز ؟ وكيف يكرزون لإن لم يرسلوا ؟ د { رو10: 14،15}. لإذن لابد من كارز يكون واسطة للإيمان . وهذا الكارز لابد أن ترسله الكنيسة .. إذن الكنيسة هي الوسيط الذي يوصل الإيمان إلي الناس ، والإيمان بالله . هوذا بولس الرسول يقول لهل كورنثوس عن وساطته هو وزميله أبلوس : } فمن هو بولس ؟ ومن هو أبلوس ؟ بل خادمات آمنتم بواسطتهما { } كو3: 5 {. إذن كان بولس وأبلوس وسيطين ، عن طريقهما وصل الإيمان إلي أهل كورنثوس . ونفس الوضع قيل في الإنجيل عن يوحنا المعمدان الكاهن { هذا جاء للشهادة ليشهد للنور ، لكي يؤمن الكل بواسطته }{يو7:1}. هذه إذن هي أول وساطة بين الله والناس : توصيل الناس إلي الإيمان بالله …
وإن لم يكن هناك وسطاء بين الله والناس ، فماذا كانت إذن وظيفة الأنبياء والرسل والمعلمين ؟! هوذا الكتاب يقول عن الرب { وهو اعطي البعض أن يكونوا رسلاً ، والبعض أنبياء والبعض مبشرين ، والبعض رعاة ومعلمين }{أف11:4}. لماذا ؟ ما هو عمل كل هؤلاء ، إلا أن يكونوا وسطاء بين الله والناس . وذلك قال عن عملهم { لأجل تكميل القديسين ، لعمل الخدمة ، لبنيان جسد المسيح }{اف12:4}. إنهم ينقلون الإيمان إلي الناس … فهل إن آمنوا يتركونهم ؟! كلا ، بل يعمدونهم ؟ وهكذا قال السيد المسيح لرسله القديسين { اذهبوا إلي العالم أجمع .وإكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها . من آمن واعتمد خلص }{مر16: 15،16}. وقال لهم أيضاً { أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم . وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس . وعلموهم جميع ما أوصيتكم به }{مت28: 19،20}.
وبعمل الكنيسة في الكرازة والتعليم ، إنتشر الإيمان .
المعمودية وكانت الكنيسة تعمد كل من يؤمن .. الذين آمنوا في يوم الخمسين منن اليهود ، عمدهم الرسل وكانوا نحو ثلاثة آلاف { أع2: 37-41{. وعمدوا أهل السامرة لما آمنون { أع8: 12،16}. والخصي الحبشي لما آمن اعتمد {أع8: 37،38}.. وسجان فيلبي الذي قال له بولس الرسول { آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك }{أع31:16}. هذا { اعتمد في الحال ، هو والذي له أجمعون }رأع33:16}. وكذلك اعتمدت ليديا بائعة الأرجوان هي وأهل بيتها {أع15:16}. إذن كانت الكنيسة واسطة في نشر الإيمان ، وفي تعميد المؤمنين وأهلهم … هل يجرؤ أحد إذن أن يقول – في غير موضوع الكفارة والفداء – لا وسيط بين الله والناس ؟ الكنيسة إذن كان من عملها الكرازة ونشر الإيمان . وكان يقومون أيضا بتعميد المؤمنين . والكتاب كان يسميهم أحيانا { سفراء }{2كو20:5}. أو { وكلاء الله }{ تي7:1}. أو { وكلاء سرائر الله }{1كو1:4} وماذا أيضاً ؟ عهد الرب إليهم ايضاً بالتعليم ، الذي لم يعهد به لكل احد . التعليم بعد أن عهد الرب لتلاميذه بالكرازة والتعميد ، قال لهم : } وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به {} مت20:8{. وهكذا عطف الرسل علي { خدمة الكلمة }{أع4:6}.، الكلمة التي قال عنها القديس يعقوب الرسول { شاء فولدنا بكلمة الحق }{1يع18:1}.. الكلمة توصل إلي الإيمان ، والإيمان يوصل إلي المعمودية ، والمعمودية بها الميلاد الثاني . والأصل هو كلمة التعليم . وكما قال القديس بولس الرسول عن علاقة المسيح بالكنيسة { لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة }{أف26:5}. فالكلمة توصل الإيمان ، والإيمان يوصل إلي المعمودية وغسل الماء . وهذا الغسل من الخطايا يؤدي إلي التطهير والتقديس وكما أن المعمودية والإيمان لهما علاقة بالخلاص {مر6:16}. كذلك كلمة التعليم .. هي التي توصل إلي الإيمان والمعمودية ، ومن ثم إلي الخلاص .أو توصل إلي التوبة فالخلاص . هكذا قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف {لاحظ نفسك والتعليم وداود علي ذلك ز لأنك إن فعلت هذا ، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً }{1تي16:4}. الولادة من اللة
إذن الكنيسة تلد الناس بالإيمان والمعمودية . تلدهم بالروح القدس { من الماء والروح }{يو5:3}. تلدهم لله ، فيصرون أبناء الله .. وفي هذا المعني يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلي فليمون { أطلب إليك من أجل ابني أنسيموس ، الذي ولته في قيودي }{ فل10}.وبولس الرسول كان بتولاً وهو هنا يقصد الولادة الروحية لأنسيموس . وبالمثل يقول لأهل كورنثوس { وإن كان لكم ربوات من المرشدين ، لكن ليس آباء كثيرون . لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل }{1كو15:4}.
للكنيسة عمل آخر غير ولادة أبناء الله ، وهو : منح الروح القدس الكنيسة هي الوسيط في منح الروح القدس للمؤمنين المعمدين هل يستطيع أحد ان يحيا حياة روحية بدون عمل الروح القدس فيه ؟ وإن كان هذا أمراً حيويا لكل مؤمن ، فكيف ينال الروح القدس ؟ يقول الكتاب أنه لما علم الرسل أن أهل السامرة قبلوا الإيمان ، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا لإعطائهم الروح القدس { حينئذ وضعا الايادي عليهم ، فقبلوا الروح القدس }{ أع17:8}. وبالمثل حدث لأهل افسس بعد عمادهم { لما وضع بولس يديه عليهم ، حل الروح القدس عليهم }{أع6:19}. ثم صار منح الروح القدس بالمسحة المقدسة }1يو2: 20،27}. وكيف ينال المؤمن هذه المسحة ؟ بواسطة الكنيسة طبعاً ، لنه لا يمسح نفسه .. هل نقول إذن : لا وسيط ؟! لقد نلت الروح القدس عن طريق هذا الوسيط …. والمسحة لها تاريخ طويل في العهد القديم ، منذ أن أمر الرب موسى بعملها { دهناً مقدساً للمسحة }{خر52:30}. ليمسح بها خيمة الإجتماع والمذابح والأواني { ويقدسها فتكون قدس أقداس }،، ويمسح بها هرون وبنيه كهنة {خر30: 25-30،40: 9-16}. وبالمسحة المقدسة مسح صموئيل الملوك فحل عليهم الروح القدس {1صم10:10،16: 13}. وهنا يذكرنا بوساطة أخري للكنيسة ، وهي : اقامة خدام للرب
لا يمكن أن يبني ملكوت الله بدون خدام للرب . والله عهد بهذا الأمر إلي الكنيسة . خذوا مثلاً لذلك في إقامة برنابا وشاول للخدمة . يقول الكتاب { وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس : أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه }{أع2:13}. علي الرغم من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان لابد أن يمر من خلال القنوات الشرعية ، أعني الكنيسة ووضع اليد … يقول الكتاب { فصاموا حينئذ وصلوا ، ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلي سلوكية }{أع4:13}. فلم يعتبروا مرسلين من الروح القدس ، فلا بعد أن نالا وضع اليد من الكنيسة . نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس الأسقف . يقول له القديس بولس الرسول { أذكرك أن تضرم أيضا موهبة الله التي فيك بوضع يدي }{2تي6:1}. إنها موهبة من الله . ولكنها تنال بواسطة ، وهي وضع اليد من سلطة كهنوتية في الكنيسة .
ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في إقامة الخدام – والقياس مع الفارق – إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين الله والناس {ومن له أذنان للسمع فليسمع }{مت43:!3}. الرعاية والتوبة هل ترك الله خرافه بدون رعاة ؟! كلا . يقول الرسول : وإحترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه }{أع28:20}. أقامهم الله للاهتمام بأولاده ، فهم وكلاؤه . ولعل من أهم الأمور مصالحتهم مع الله بقيادتهم إلي التوبة . وفي هذا يقول القديس بولس الرسول {وأعطانا خدمة المصالحة .. إذن نسعي كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله} {2كو5: 18،20}. أليست هذه وساطة ؟! في عمل صلح بين الله والناس . ليتنا إذن نقرأ هذا المقال من أوله .. ونري عناصر الوساطة التي تقوم بها الكنيسة . وكلها وساطة خاصة بالخلاص . وهكذا يقول الرسول في قيادة الناس إلي التوبة {من رد خاطئاً عن ضلال طريقة يخلص نفساً من الموت ، ويستر كثرة من الخطايا }{يع20:5} وايضاً { وخلصوا البعض بالخوف ، مختطفين من النار }{يه23}. كما أن قيادة الناس للإيمان والمعمودية هي للخلاص أيضاً { مر16:16}. والتعليم أيضا هدفه الخلاص كذلك {1تي16:4}. وكذلك باقي الأمور التي تقوم بها الكنيسة .
الأتجاة الى الشرق
إننا نبني كنائسنا إلي الشرق . ونصلي ونحن متجهون إلي الشرق ، لأن الشرق يوجه قلوبنا إلي تأملات نعتز بها ، حتي أصبح بالنسبة إلينا رمزا . وأيضا من أجل أهمية الشرق في فكر الله كذلك ، فإن كان الله قد اهتم به ، فلنهتم به بحن أيضا … *** 1)* قبل أن يخلق الإنسان ، اعد الله الشرق كمصدر للنور . ورأي الله النور أنه حسن وفي لغتنا نقول عن ظهور الشمس أنه شروقها . واصبحت عبارة تشرق الشمس أي تظهر من الشرق ، أي تنير . والشمس خلقت في اليوم الرابع قبل خلص الإنسان في اليوم السادس {تك1}. وشروق الشمس رمز للسيد المسيح ونوره . وقد سمي الرب { شمس البر } وقيل { تشرق شمس البر ، والشفاء في أجنحتها }{ملاخي2:4}.
*** 2)* وقبل خلق الإنسان أيضا ، غرس له الله جنة عدن شرقا {تك8:2}. ووضعه فيها ، وهناك أياض كانت شجرة الحياة ، وكانت الحياة الأولي للإنسان قبل الخطية ، وجنة عدن ترمز إلي الفردوس الذي نتطلع إليه. وصار اتجاه الإنسان إلي الشرق ، يرمز لتطلعه إلي الفردوس الذي حرمته منه الخطية ، ويرمز لتطلعه إلي شجرة الحياة .
*** 3)* ونلاحظ أيضا أن السيد المسيح ولد في بلاد الشرق ، والمجوس رأوا نجمه في المشرق { مت2:2}. وكان هذا النجم يرمز إلي الإرشاد الإلهي . ولما تبعه المجوس قادهم إلي الري . ما أجمل هذا التأمل ! 4)* والمسيح الذي ولد في الشرق ، ونجمه في المشرق ، شبهت أمه العذراء بباب في المشرق {حزقيال 44: 1،2}. 5)* وهكذا نري أن الخلاص قد أتي إلي العالم من المشرق . فالمسيح صلب أيضا في بلاد المشرق ، وهناك بذل دمه عن غفران خطايا العالم كله .
*** 6)* وفي المشرق بدأت الديانة والكنيسة . في الشرق أورشليم ، مدينة الملك العظيم ، وفيه تأسست أول كنيسة في العالم . ومن الشرق امتدت رسالة الإنجيل ، إلي العالم كله . وفيه سالت دماء أول شهيد في المسيحية .
*** 7)* كذلك الكتاب المقدس تحدث كثيرا عن أن مجد الله في المشرق . ففي { أش15:24}{ في المشارق مجدوا الرب } وفي سفر حزقيال نبوءة عن مجيء المسيح في مجده من المشرق . يقول { وإذا مجد إله إسرائيل جاء عن طريق المشرق ، وصوته كصوت مياه كثير ، والأرض أضاءت من مجده }{حز43: 1،2}.
*** * لذلك فإن غالبية اللاهوتيين يقولون : { إن المجيء الثاني سيكون من المشرق وكما صد هكذا يأتي }{أع11:1}. ففي نبوءة زكريا {14: 3،4}. أن { الرب تقف قدماه في ذلك اليوم علي جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من المشرق }.
*** 9)* الكلام عن المشرق جميل وذكرياته حلوة : في حزقيال {47: 1-19}يتكلم عن { أنهار حياة في المشرق }وفي {2مل13: 17} يتكلم في الشرق عن { سهم خلاص الرب } وفي {أش15:24}{ في المشارق مجدوا الله }.
*** 10)* إن الذكريات لها في القلب تأثير : ولها مفعولها الروحي في النفس . ويعجبني أن دانيال النبي حينما تحدي العبادات الوثنية ، وصعد إلي عليته ليصلي ، فتح الطاقة التي تطل علي أورشليم ، وركع وصلي … حقاً إن الله موجود في كل مكان ، ولكن الاتجاه إلي أورشليم في الشرق كان له معني وتأثير عميق في القلب ، والذكريات تعطي القلب أهمية لأمكنة معينة ، تثير ذكراها عواطف مقدسة .
***
11)* إننا لسنا عقلاً صرفا في عبادتنا : فالحواس تعمل ، وتتأثر ، وتؤثر في مشاعر الروح . ومثال ذلك . أننا نصلي ونرفع نظرنا إلي فوق ، بينما الله موجود في كل مكان .. ولكن النظر إلي فوق ، يحرك في قلوبنا مشاعر روحية لصلاتنا عمقاً خاصا . كذلك الاتجاه إلي الشرق … والمسيح نفسه ، في أكثر من منسابة ، نظر إلي فوق ، مع أن الآب فيه وهو في الآب . ولكن النظر إلي فوق له دلاله خاصة …
*** 12)* ونحن حينما ننظر إلي الشرق ، إنما نتجه إلي المذبح الموجود في الشرق ، لأن الذبيحة لها في قلوبنا الروحية ، والمسيح فصحنا ، كان ذبيحة في الشرق .
*** 13)* وفي المعمودية ، بطريقة رمزية أيضا، يتجه المعمد وأشبينه نحو الغرب لجحد الشيطان ، ثم يتجهان إلي الشرق لتلاوة قانون الإيمان ، وبهذا يشعر أنه في المعمودية ينتقل من الغرب إلي الشرق ، أي من الظلمة إلي النور .
*** 14)* ونحن نسأل : لماذا يحارب البروتستانت الشرق بكل ما يحمل من رموز ومن معان روحية وتأملات زكريا مقدسة ، تسندها نصوص من الكتاب المقدس . ولا يوجد في ذلك أي خطأ عقيدي يثير الغيرة المقدسة؟!
***
اكرام الصليب من الخلافات التي بيننا وبين البروتستانت اكرامنا العجيب للصليب . ومن ذلك رشم الصليب . فهم لا يرشمون ذاتهم بعلامة الصليب قبل الصلاة ولا بعدها قائلين باسم الآب والابن والروح القدس . ولا يرشمون الطعام بعلامة الصليب قبل الأكل ولا يستخدمون الصليب للبركة . ولا في رشم الناس ، ولا في رشم الملابس . ويكتفي البروتستانت بإيمان قلوبهم بالصليب دون استخدامه . وكانوا إلي عهد قريب لا يعلقونه علي الكنائس . وكثير منهم لا يعلقونه علي صدورهم . وكلهم لا يمسكون صليباً في أيديهم . وهم أيضا لا يحتفلون بأعياد الصليب ، ولا بموكب له ، ولا يطوفون به بالأناشيد والألحان . وهم أيضا لا يقبلون الصليب ، ولا يأخذون بركته . وسنحاول الآن أن نشرح لماذا اهتمامنا هذا كله بالصليب . ونري كيف أن رشم الصليب نافع ومفيد موافق لتعليم الكتاب المقدس .
*** 1)* تركيز السيد المسيح علي الصليب : وذلك منذ بدء خدمته ، وفي أثناء تعليمه ، قبل أن يصلب . فقد قال { من لا يأخذ صليبه ويتبعني ، فلا يستحقني { مت38:10}. وقال { إن أراد أحد أن يأتي ورائي ، فلنكر نفسه ، ويحمل صليب ويتبعني }{مت24:16}، {مر34:8}. وفي حديثه مع الشاب الغني قال له { اذهب بع كل مالك واعطه للفقراء .. وتعال اتبعني حاملا الصليب }. وقال أيضا { من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي ، لا يقد أن يكون لي تلميذاً }{ لو27:14}. 2)* وقد كان الصليب موضوع كرامة الملاك والرسل : من الأشياء الجميلة أن الملاك المبشر بالقيامة قال للمريمتين { أنكما تطلبان يسوع المصلوب . ليس هو ههنا ، لكنه قد قام كما قال }{مت5:28}. وهكذا سماه { يسوع المصلوب }مع أنه كان قد قام . وظل لقب المصلوب لاصقاً به وقد استخدمه آباؤنا الرسل . وركزوا علي صلبه في كرازتهم . ففي كرازة القديس بطرس ، قال لليهود { يسوع لذي صلبتموه أنت }{أع36:2ؤز والقديس بولس الرسول يركز علي هذه النقطة فيقول {لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا }{1كو23:1}، علي الرغم من أن صلبه هذا كان يعتبر { لليهود عثرة ولليونانيين جهالة }. ويعتبر الرسول أن الصليب جوهر المسيحية فيركز عليه قائلا { لأنني لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم ، إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً }{1كو2:2}. أي أن هذا الصليب هو الأمر الوحيد الذي أريد أن أعرفه . *** 3)* وهكذا كان الصليب موضوع فخر الرسل : فيقول القديس بولس الرسول { وأما من جهتي ، فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح }{غل14:6}. وإن سألناه عن السر في هذا يكمل قائلا {هذا الذي به قد صلب العالم لي ، وأنا للعالم }{غل14:6}.
*** 4)* ونحن حينما نرشم الصليب ، نتذكر كثيرا من المعاني اللاهوتية والروحية المتعلقة به : نتذكر محبة الله لنا ، الذي من أجل خلاصنا ، قبل الموت عنا {كلنا كغنم ضللنا ، ملنا كل واحد إلي طريقة . والرب وضع عليه إثم جميعا }{أش6:53}. حينما نرشم الصليب نتذكر { حمل الله الذي حمل خطايا العالم } {يو1: 29}{1يو2:2}. 5)* وفي رشمنا للصليب نعلن تبعيتنا لهذا المصلوب : إن الذين يأخذون الصليب بمجرد معناه الروحي داخل القلب ، دون أية علاقة ظاهرة ، لا يظهرون هذه التبعية علناً ، التي نعلنها برشم الصليب ، وبحمل الصليب علي صدورنا . وبتقبيل الصليب أمام الكل ، وبرشمه علي أيدينا ، وبرفعه علي اماكن عبادتنا . إننا بهذا كله ، إنما نعن إيماننا جهارا ، ولا نستحي بصليب المسيح أمام الناس ، بل نفتخر به ، ونتسمى به . ونعيد له أعيادا .. ونتمسك به .. حتي دون أن نتكلم مجرد مظهرنا يعلن إيماننا . 6)* إن الإنسان ليس مجرد روح ، أو مجرد عقل ، بل له ايضا حواس جسدية يجب أن تحس الصليب بالطرق السابقة : كما أنه ليس جميع الناس في مستوي روحي واحد ، لا يحتاجون فيه إلي الحواس . إن الحواس تتغذى بكل ما سبق ، ولا تقتصر علي ذاتها ، بل تنقل تأثراتها إلي العقل وإلي الروح .. وربما العقل لا يتذكر الصليب من تلقاء ذاته ، أو يتذكره كثيرا ولكنه عن طريق الحواس ، حينما يري الصليب مرسوما أمامه ، يتذكر ما يختص بالصليب وبالمصلوب من مشاعر ومن معان روحية ولاهوتية … وهكذا نعبد الله روحا وعقلا وجسدا . وكل هذا يقوي بعضه بعضا .
*** 7)* ونحن لا نرشم الصليب علي أنفسنا في صمت ، إنما نقول معه باسم الآب والابن والروح القدوس : وبهذا نعلن في كل مرة عقيدتنا بالثالوث القدوس الذي هو إله واحد ، إلي الأبد آمين . وهكذا يكون الثالوث في ذهننا باستمرار ، الأمر الذي لا يتاح للذين لا يرشمون الصليب مثلنا . * وفي الصليب ايضا نعلن عقيدتي التجسد والفداء : فنحن إذ نرشم الصليب من فوق إلي تحت ن ومن الشمال إلي اليمين ، إنما نتذكر ا، الله نزل من السماء إلي تحت إلي أرضنا ، فنقل الناس من الشمال إلي اليمين ، من الظلمة إلي النور ، ومن الموت إلي الحياة ، وما أكثر التأملات التي تدور بقلوبنا وأفكارنا من رشم علامة الصليب .
*** 9)* وفي رشمنا للصليب تعليم ديني لأولادنا ولغيرهم : كل من يرشم الصليب ، حينما يصلي ، وحينما يدخل إلي الكنيسة ، وحينما يأكل ، وحينما ينام ، وفي كل وقت ، إنما يتذكر الصليب ، وهذا التذكر مفيد روحيا ومطلوب كتابيا . وفيه تعليم الناس ، إن المسيح قد صلب وتعليم بالذات لأولادنا الصغار الذين يشبون من صغرهم متعودين علي الصليب .
*** 10)* وبرشمنا الصليب إنما نبشر بموت الرب عنا حسب وصيته : وهذه وصية الرب لنا أن نبشر بموته { الذي لجل فدائنا } إلي أن يجئ {1كو26:10}. ونحن برشم الصليب نتذكر موته كل حين ، نظل نتذكره إلي أن يجئ . ونحن نتذكره كذلك في سر الأفخارستيا . ولكن هذا السر لا يقام في كل وقت بينما الصليب يمكن أن نرشمه في كل وقت ، متذكرين موت المسيح عنا …
*** 11)* وفي رشمنا للصليب ، نتذكر أن عقوبة الخطية موت : لأنه لولا ذلك ما مات المسيح . كنا نحن { أمواتا بالخطايا }{أف5:2}. ولكن المسيح مات عنا علي الصليب واعطانا الحياة . وعلي الصليب إذ دفع الثمن قال للآب { يا أبتاه أغفر لهم }.
*** 12)* وفي رشمنا الصليب نتذكر محبة الله لنا : نتذكر أن الصليب ذبيحة حب . لأنه { هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية }{ يو16:3}.
*** 13)* ونحن نرشم الصليب لأنه يمنحنا القوة : القديس بولس الرسول يشعر بقوة الصليب هذه فيقول { به صلب العالم لي ، وأنا للعالم } { غل 14:6 } . ويقول أيضاً { أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة . وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله } { 1كو18:1} . لاحظوا هنا أنه لم يقل أن عملية الصليب هي قوة الله ، إنما قال إن مجرد { كلمة الصليب } هي قوة الله . لذلك نحن حينما نرشم علامة الصليب ، وحينما نذكر الصليب ، ونمتلئ قوة . لأننا نتذكر أن الرب بالصليسب داس الموت ، ومنح الحياة لكل الناس . وقهر الشيطان وغلبه ، ولذلك …
*** 14)* فنحن نرشم الصليب لأن الشيطان يخافه : كل تعب الشيطان منذ آدم إلي أخر الدهور ، ضاع على الصليب ، إ ذ دفع الرب الثمن ، ومحا جميع خطايا الناس بدمه ، ممن يؤمنون ويطيعون لذلك فإن الشيطان لذلك فإن الشيطان كلما يرى الصليب يرتعب متذكراً هزيمته الكبرى وضياع تعبه ، فيخزي ويهرب . وهكذا كان أولاد الله يستخدمون باستمرار علامة الصليب باعتبارها علامة الغلبة والانتصار ، أو هى قوة الله . فمن جهتنا نمتلئ قوة من الداخل ، أما عن العدو في الخارج فهو يرتعب . وكما كانت ترفع الحية النحاسية في القديم شفاء للناس وخلاصاً من الموت ، هكذا رفع رب المجد على الصليب { يو 14:3 } ، وهكذا علامة الصليب في مفعولها .
*** 15)* ونحن نرشم علامة الصليب فنأخذ بركته : كان العالم كله يقع تحت حكم اللعنة بالموت بسبب الخطية . ولكن على الصليب حمل الرب كل لعناتنا لكي يمنحنا بركة المصالحة مع الله { رو10:5 } . وبركة الحياة الجديدة النقية ، وبركة العطية في جسده ، وكل نعم العهد الجديد مستمدة من الصليب . لذلك استخدم رجال الإكليروس هذا الصليب في منح البركة ، اشارة إلي أن البركة لا تصدر منهم شخصياً ، إنما من صليب الرب الذي ائتمنهم على استخدامه في منح البركة . ولأنهم يستمدون كهنوتهم من كهنوت هذا المصلوب . وكل بركات العهد الجديد نابعة من صليب الرب وفاعليته .
)* لذلك فكل الأسرار المقدسة في المسيحية تستخدم فيها الصليب : لأنها كلها نابعة من استحقاقات دم المسيح علي الصليب . فلولا الصليب ، ما كنا نستحق أن نقترب إلي الله كأبناء في المعمودية وما كنا نستحق التناول من جسده ودمه في سر الأفخارستيا {1كو26:11}. وما كنا نستطيع التمتع ببركات أس سر من أسرار الكنيسة .
*** 17)* ونحن نهتم بالصليب ، لنتذكر الشركة التي لنا فيه : نتذكر قول القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت . فأحياء لا أنا بل المسيح يحيا في }{غل20:2}. وقوله أيضا { لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته }{في10:3}. وهنا نسأل أنفسنا متي ندخل في شركة آلام الرب ونصلي معه . وهنا نتذكر اللص الذي صلب معه ، فاستحق أن يكون في الفردوس معه . ولعله صار في الفردوس يغني بالأغنية التي قالها القديس بولس فيما بعد {مع المسيح صلبت }… كل أمنياتنا أن نصعد علي الصليب مع المسيح . ونفتخر بهذا الصليب الذي نذكره الآن كلما تلامس مع حواسنا .
*** 18)* ونحن نكر الصليب ، لأنه موضع سرور الآب : الآب الذي تقبل المسيح علي الصليب بكل سرور كذبيحة خطية ، وكمحرقة أيضا { رائحة سرور للرب }{لا1: 9،13،17}. وقال اشعياء النبي في ذلك { أما الرب فسر أن يسحقه بالحزن }{اش10:35}. إن السيد المسيح أرضي الآب بكمال حياته علي الأرض ، ولكنه دخل في ملء هذا الارضاء علي الصليب ، حيث أطاع حتي الموت ، موت الصليب }{في8:2}. ففي كل مرة ننظر ‘لي الصليب نتذكر كمال الطاعة ، وكمال الخضوع لكي نتمثل بالسيد المسيح في طاعته ، حتي الموت . وكما كان الصليب موضع سرور للآب ، كان هكذا أيضا بالنسبة إلي الابن المصلوب الذي قيل عنه {من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي }{عب2:12}. وهكذا كان ملء سرور المسيح في صلبه . ليتنا نكون هكذا .
*** 19)* وفي الصليب ، نخرج إليه خارج المحلة ، حاملين عاره} عب12:13{. بنفس شعورنا في اسبوع الآلام .. ونذكر في ذلك ما قيل عن موسى النبي { حاسبا عار المسيح غني اعظم من خزائن مصر }{عب26:11}. وعر المسيح هو صلبه وآلامه .
*** 20)* نحمل صليب المسيح الذي يذكرنا بمجيئه الثاني : كما ورد في الإنجيل عن نهاية العالم ومجيء الرب { وحينئذ تظهر علامه ابن الإنسان في السماء {أي الصليب }. ويبصرون ابن الإنسان آتيا علي سحاب السماء ..}{مت30:24}. فلنكرم علامة ابن الإنسان علي الأرض ، مادمنا نتوقع علامته هذه في السماء في مجيئه العظيم .
الأنوار والشموع الكنيسة الأرثوذكسية تتميز بأنوارها . وتستخدم الشموع في صلواتها ، وعند قراءة الإنجيل ، وأمام أيقونات القديسين ، وعلي المذبح ، وأمامه في شرقيته ، وفي الهيكل عموماً وتبقي الكنيسة مضيئة باستمرار . ولها برج عال يسمي المنارة .. والبروتستانتية لا تستخدم شيئا من هذا كله ، بكل ما حيوي من رموز . لذلك سنتعرض في هذا المقال المختصر عن الأنوار في الكنيسة والحكمة فيها ، وما تحويه من معان روحية . 1)* الكنيسة نفسها لقبت في الكتاب المقدس بلقب منارة . وهذا واضح في سفر الرؤيا . إذ رأي يوحنا الإتجيلى الرب يسوع وسط منائر من ذهب . وكانت { المناير السبع هي السبع الكنائس ؤ{رؤ20:1}. *** 2)* الكنيسة نشبهها بالسماء ، علي اعتبار أنها بيت الله أو مكسنه كالسماء . وقد كان هذا هو تقريبا التعبير الذي أطلق علي أول بيت لله ، إذ قال أبونا يعقوب أوب الآباء { ما أرهب هذا المكان . ما هذا إلا بيت الله ، وهذا باب السماء }{تك17:28}. وفي تشبيه الكنيسة بالسماء ، ينبغي أن تضئ فيها الأنوار كالكواكب في السماء .
*** 3)* أو قد تمتد الأنوار في الكنيسة إلي ملائكة السماء ، أو الملائكة التي كانت تصعد وتنزل علي السلم الذي رآه أبونا يعقوب في بيت آيل { بيت الله }{تك12:28}. والملائكة يمكن أن يرمز إليهم النور ، إذ يسمون أيضا بملائكة النور {2كو14:11}.
*** 4)* أو قد ترمز أنوار الكنيسة إلي القديسين ، الذين يقول لفم الرب { فليضئ نوركم هكذا قدام الناس }{مت16:5}. وشبههم في تلك المناسبة بالسراج الذي يوضع علي المنارة {مت15:5}. وذكر الإنجيل أيضا أن { الأبرار يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم ؤ{مت43:13}. والقديس يوحنا المعمدان – كمثال – قال عنه السيد المسيح لليهود { كان هو السراج الموقد المنير . وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة }{يو35:5}. ولما كانت الكنيسة مملوءة بالملائكة . وبالقديسين ، إذن ينبغي أن يكون مملوءة بالأنوار .
*** 5)* بل ينبغي أن تكون الكنيسة مملوءة بالأنوار ، أولا وقبل كل شئ لحلول الله فيها ، والله نور {1يو5:1}. وقد قال السيد المسيح عن نفسه {أنا نور العالم }{يو12:8}.
*** 6)* والكنيسة تضاء بالأنوار ، علي مثال خيمة الاجتماع والهيكل وكلاهما كانت مملؤتين بالأنوار . لا تنطفئ سرجهما أبدأ . وأمر الرب بإضاءة السرج بزيت الزيتون النقي ، ويشرف علي هذا الأمر هارون وبنوه كفريضة أبدية . وقال في ذلك { وأنت تأمر بين إسرائيل أن يقدموا إليك زيت زيتون نقي مرضوض نقياً للضوء لاصعاد السرج دائماً . في خيمة الاجتماع خارج الحجاب الذي أمام الشهادة ، يرتبها هارون وبنوه من المساء إلي الصباح أمام الرب ، فريضة دهرية في أجيالهم }{خر27: 20،21}. هذا أمر إلهي ، أصدرها لله الذي قال { ليكن نور ، فكان نور }في اليوم الأول { ورأي الله النور أنه حسن } {تك1: 3،4}.
*** اقامة خدام للرب )* والسرج التي تضاء بالزيت ، لها معني روحي ، لأن الزيت يرمز ل لا يمكن أن يبني ملكوت الله بدون خدام للرب . والله عهد بهذا الأمر إلي الكنيسة . خذوا مثلاً لذلك في إقامة برنابا وشاول للخدمة . يقول الكتاب { وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس : أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه }{أع2:13}. علي الرغم من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان لابد أن يمر من خلال القنوات الشرعية ، أعني الكنيسة ووضع اليد … يقول الكتاب { فصاموا حينئذ وصلوا ، ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلي سلوكية }{أع4:13}. فلم يعتبروا مرسلين من الروح القدس ، فلا بعد أن نالا وضع اليد من الكنيسة . نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس الأسقف . يقول له القديس بولس الرسول { أذكرك أن تضرم أيضا موهبة الله التي فيك بوضع يدي }{2تي6:1}. إنها موهبة من الله . ولكنها تنال بواسطة ، وهي وضع اليد من سلطة كهنوتية في الكنيسة .
ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في إقامة الخدام – والقياس مع الفارق – إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين الله والناس {ومن له أذنان للسمع فليسمع }{مت43:!3}. الرعاية والتوبة هل ترك الله خرافه بدون رعاة ؟! كلا . يقول الرسول : وإحترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه }{أع28:20}. أقامهم الله للاهتمام بأولاده ، فهم وكلاؤه . ولعل من أهم الأمور مصالحتهم مع الله بقيادتهم إلي التوبة . وفي هذا يقول القديس بولس الرسول {وأعطانا خدمة المصالحة .. إذن نسعي كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله} {2كو5: 18،20}. أليست هذه وساطة ؟! في عمل صلح بين الله والناس . ليتنا إذن نقرأ هذا المقال من أوله .. ونري عناصر الوساطة التي تقوم بها الكنيسة . وكلها وساطة خاصة بالخلاص . وهكذا يقول الرسول في قيادة الناس إلي التوبة {من رد خاطئاً عن ضلال طريقة يخلص نفساً من الموت ، ويستر كثرة من الخطايا }{يع20:5} وايضاً { وخلصوا البعض بالخوف ، مختطفين من النار }{يه23}. كما أن قيادة الناس للإيمان والمعمودية هي للخلاص أيضاً { مر16:16}. والتعليم أيضا هدفه ال