مقدمة: اختبارات لموثوقية الكتابات القديمة
إن ما نتحدث عنه هنا هو الموثوقية التاريخية للكتاب المقدس وليس موثوقية وحيه. وهنا يكون من الضروري اختبار الموثوقية التاريخية للكتاب المقدس بنفس المعايير التي نختبر بها أي وثيقة تاريخية أخرى.
يعرض س. ساندرز في كتابه «مقدمة للبحث في تاريخ الأدب الإنجليزي» المبادئ الثلاثة الأساسية لدراسة التاريخ، وهي الفحص الببلوغرافي والبرهان الداخلي والبرهان الخارجي.وفي هذا الفصل نتناول بالبحث العهد الجديد من الكتاب المقدس لنرى مدى موثوقيته كمصدر صحيح للأحداث التاريخية التي يسجلها من خلال تطبيق المبادئ الثلاثة السابقة عليه.
1(أ) الفحص الببلوغرافي لموثوقية العهد الجديد
إن الفحص الببلوغرافي هو دراسة عملية الانتقال النصي للوثائق حتى تصل إلينا. وبعبارة أخرى إذا كانت الوثائق الأصلية ليست بحوزتنا، فما مدى موثوقية النسخ التي بين أيدينا بالنظر إلى عدد المخطوطـات والفترة الزمنيـة الفاصلة بين المخطوطة الأصلية والنسخ الباقية الموجودة حالياً؟
1(ب) عدد المخطوطات وقربها الزمني من المخطوطات الأصلية
يقول ف. إ. بيترز إن أسفار العهد الجديد كانت أكثر الكتب القديمة شيوعاً وانتشاراً إذا ما نظرنا فقط إلى ما وصل إلينا من مخطوطات. (Peters, HH, 50) وعلى ذلك فإن موثوقية نص العهد الجديد ترتكز على عدد كبير جداً من المخطوطات. إن عدد النسخ اليونانية وحدها تبلغ حوالي 5.656 مخطوطة للعهد الجديد كاملاً أو لأجزاء منه. وهذه المخطوطات نسخت باليد فيما بين القرن الثاني والقرن الخامس عشر.
إن بين إيدينا اليوم ما يزيد على 5.686 مخطوطة يونانية للعهد الجديد. أضف إلى ذلك أكثر من 10 آلاف نسخة من الفولجاتا اللاتينية و9.300 نسخة على الأقل من المخطوطات القديمة، أي أن ما لدينا اليوم يصل إلى حوالي 25 ألف مخطوطة لأسفار العهد الجديد أو ما يزيد على ذلك. وليس هناك أية وثيقة أخرى من الوثــائق القديمة تقترب ولو من بعيد من هذا العدد من النسـخ. وبالمقــارنة تأتي إلياذة هوميروس فـي المرتبــة الثانية حيث يصل عدد مخطوطاتها إلى 643 مخطوطــة فقـط. كما أن أول نص كامل لإلياذة هوميروس يرجع إلى القرن الثالث عشر.
وفيما يلي بيان مفصل بعدد مخطوطات العهد الجديد التي وصلت إلينا:
المخطوطات اليونانية
مخطوطات الحروف الكبيرة المنفصلة 307
مخطوطات الحروف الصغيرة المتصلة 2.860
مخطوطات القراءات الكنسية 2.410
المخطوطات البردية 109
مجموع المخطوطات اليونانية 5.686
مخطوطات بلغات أخري
الفولجاتا اللاتينية أكثر من 10.000
المخطوطات الأثيوبية أكثر من 2.000
المخطوطات السلافية 4.101
المخطوطات الأرمينية 2.587
مخطوطات البشيتا السريانية أكثر من 350
المخطوطات القبطية البحرية 100
المخطوطات العربية 75
مخطوطات اللاتينية العتيقة 50
المخطوطات الأنجلوساكسونية 7
المخطوطات القوطية 6
المخطوطات السوجدانية (Sogdian) 3
مخطوطات السريانية العتيقة 2
المخطوطات الفارسية 2
المخطوطات الفرنكية 1
مجموع المخطوطات غير اليونانية أكثر من 19.284
المجموع الكلي أكثر من 24.970
إن أهمية عدد المخطوطات أمر لا يمكن تجاهله. وكما هو الحال بالنسبة للكتابات القديمة الأخرى، ليس لدينا مخطوطات أصلية متبقية إلى الآن للكتاب المقدس. إلا أن وفرة المخطوطات تتيح لنا إمكانية إعادة جمع النسخة الأصلية بدرجة بالغة الدقة.
ويقول جون وارويك مونتجمري إن الشك في نصوص أسفار العهد الجديد من شأنه أن يلقي بالشك على جميع الأعمال الكلاسيكية القديمة، فليس هناك وثيقة من العصر القديم تثبت المصادر صحتها على النحو الذي تثبت به صحة العهد الجديد.
أما سير فردريك ج. كنيون، الذي كان مديراً وأمين أول للمتحف البريطاني ومسئولاً عن شئون المخطوطات، فيقول:
بالإضافة إلى عددها الكبير، تختلف مخطوطات العهد الجديد عن الأعمال الكلاسيكية الأخرى .. إذ أن الفترة الفاصلة بين كتابة أي منها وبين أقدم مخطوطاتها المتبقية إلى الآن ليست قصيرة كما هو الحال بالنسبة للعهد الجديد. كتبت أسفار العهد الجديد في النصف الثاني من القرن الأول، وأقدم المخطوطات الباقية إلى الآن له (باستثناء بعض الأجزاء القليلة منه) ترجع إلى القرن الرابع أي بعد حوالي 250-300 سنة. وقد تبدو هذه الفترة طويلة، ولكنها فترة لا تذكر بالنسبة للفترة التي تفصل بين كتابة معظم الأعمال الكلاسيكية وبين أقدم مخطوطاتها. إننا نعتقد أن لدينا نصاً صحيحاً لمعظم الأجزاء الهامة للأعمال الدرامية السبعة المتبقية لسوفوكليس، مع أن أقدم المخطوطات الهامة لها والتي يعتمد عليها هذا النص كتبت بعد 1400 سنة من موت الشاعر اليوناني سوفوكليس.
ويقول كنيون أيضاً في كتابه «الكتاب المقدس وعلم الآثار »: ومن ثم فإن الفترة الفاصلة بين تاريخ كتابة المخطوطات الأصلية وأقدم المخطوطات المتبقية إلى الآن تصبح قصيرة للغاية بحيث يمكن إهمالها، وهكذا يزول كل شك في حقيقة وصول الأسفار المقدسة إلينا كما كتبت تماماً. ويمكن اعتبار كل من موثوقية وسلامة أسفار العهد الجديد قد تم التثبت منها أخيراً.
كتب كل من دوكري وماثيوس وسلون مؤخراً: بالنسبة لمعظم النصوص الكتابية نجد أن ما وصل إلينا يتطابق تقريباً في قراءة واحدة. وباستبعاد أخطاء التدوين والتغييرات المتعمـدة تصبح هناك نسبة ضئيلة جداً يدور حولها التساؤل. وهكذا يصلون إلى النتيجة التالية:
ينبغي القول بأن الفترة الزمنية بين كتابة النص الأصلي وبين المخطوطة التالية المتبقية إلى الآن لهذا النص تقل كثيراً بالنسبة للكتاب المقدس عنها بالنسبة لأي عمل آخر في الأدب اليوناني ... ورغم وجود الاختلافات بين كثير من مخطوطات العهد الجديد، فليس هناك أي عقيدة مسيحية جوهرية تعتمد على أي من هذه القراءات المختلف عليها.
ويضيف ف.ج.أ. هورت: يقف العهد الجديد وحده تماماً بين الكتابات الأدبية القديمة بحيث لا يضاهيه أي منها أو يقترب منه وذلك لتنوع واكتمال مخطوطاته.
ويقول ج. هارولد جرينلي: إن عدد مخطوطات العهد الجديد الموجودة بين أيدينا تفوق كثيراً مثيلاتها في أي عمل أدبي قديم.. دونت أقدم مخطوطات العهد الجديد الموجودة لدينا بعد فترة قصيرة من كتابة النص الأصلي بالمقارنة بمعظم الأعمال الأدبية القديمة.
ويؤكد لنا و.ف. ألبرايت أنه ليس هناك أي عمل إغريقي قديم تؤيده المخطوطات على النحو الذي نشهده في العهد الجديد. هناك الكثير من المخطوطات القديمة للعهد الجديد على نحو يفوق أي عمل كلاسيكي آخر، كما أن أكثر هذه المخطوطات قدماً واكتمالاً لا يفصل بينها وبين النص الأصلي سوى قرنين فقط.
ويقول إدوارد جليني:
لقد منحنا الله 5.656 مخطوطة كاملة أو جزئية للنص اليوناني للعهد الجديد. وهو يعد أكثر الكتب بقاءً واكتمالاً من بين ما وصل إلينا من العصور الغابرة. ليس فقط أن لدينا هذا العدد الكبير من المخطوطات ولكن هذه المخطوطات يقترب زمن كتابتها جداً من زمن كتابة النصوص الأصلية. فهناك بعض المخطوطات الجزئية للعهد الجديد ترجع إلى القرن الثاني الميلادي وهناك الكثير من المخطوطات التي لا يفصل بينها وبين االمخطوطات الأصلية إلا أربعة قرون أو أقل. ويزداد المرء دهشة إذا ما قارن بينها وبين الكتابات القديمة الأخرى المتبقية.
ويذكر لي ستروبل في أحد كتبه الحديثة ( نشر عام 1998) آخر الإحصائيات للمخطوطات اليونانية للعهد الجديد على النحو التالي: 99 مخطوطة بردية و306 مخطوطة بالحروف الكبيرة و2.856 مخطوطة بالحروف الصغيرة و2.403 مخطوطة للقراءات فيصبح المجموع 5.664 مخطوطة. (Strobel, CC, 62-63). قد تظهر اختلافات طفيفة بين الإحصاءات ويرجع هذا إلى احتساب الأجزاء الصغيرة من المخطوطات ضمن المجموع، إلا أن هذا الكمّ الكبير من المخطوطات يضفي على العهد الجديد مصداقية تاريخية كبيرة.
أما مايكل فيلت من معهد دراسات العهد الجديد في مونستر بألمانيا فيورد لنا أحدث الإحصاءات للمخطوطات اليونانية للعهد الجديد (في أغسطس 1998) على النحو التالي: 109 مخطوطة بردية و307 مخطوطة الحروف الكبيرة و2.860 مخطوطة بالحروف الصغيرة و2.410 مخطوطة للقراءات بمجموع 5.686 مخطوطة.
ويقول جليني مقارناً بين العهد الجديد والوثائق القديمة الأخرى: لا يختلف أحد على موثوقية الكتب التاريخية القديمة مع أن النسخ الأصلية لها ليست لدينا. إلا أن ما لدينا من مخطوطات لهذه الأعمال أقل بكثير مما لدينا من مخطوطات العهد الجديد.
ويرسم لنا ف.ف. بروس في كتابه: «وثيقة العهد الجديد» صورة حية للمقارنة بين العهد الجديد والكتابات التاريخية القديمة:
ربما أمكننا تقدير مدى ثراء العهد الجديد بالمخطوطات إذا ما قارنا بينه وبين غيره من الأعمال التاريخية القديمة. فلم يتبق سوى عدد قليل من المخطوطات لكتابات قيصر عن حروب الغال (كتبت بين عامي 58 ، 50 ق.م.) منها تسع أو عشر مخطوطات فقط لا تزال صالحة ويفصل بين أقدمها وبين عصر قيصر حوالي 900 سنة. ومن بين 142 كتاباً للتاريخ الروماني الذي كتبه ليفي (59 ق.م. - 17م) هناك 35 كتاباً فقط لا تزال باقية. وهذه الكتب التي وصلت إلينا لم نعرفها إلا من خلال ما يقلّ عن 20 مخطوطة فقط. واحدة من هذه المخطوطات فقط، هي التي تحوي أجزاء من الكتب من الثالث إلى السادس، وترجع إلى القرن الرابع. ومن بين 14 كتاباً لتاريخ تاسيتوس (حوالي 100م) هناك أربعة كتب ونصف فقط ما زالت موجودة، ومن بين حولياته التاريخية التي تبلغ 16 كتاباً بقي 10 كتب كاملة وكتابان غير كاملين. ونصوص هذه الأجزاء المتبقية لاثنين من أعماله التاريخية العظيمة تعتمد بشكل كلي على مخطوطتين ترجع إحداهما إلى القرن التاسع والأخرى إلى القرن الحادي عشر.
أما المخطوطات المتبقية لأعماله الصغرى، فمصدرها مخطوطة ترجع إلى القرن العاشر. أما تاريخ ثوسيديدس (حوالي 460-400 ق.م.)، فقد وصل إلينا في ثماني مخطوطات ترجع أقدمها إلى حوالي سنة 900م، وبعض أوراق البردي القليلة التي ترجع إلى بداية العصر المسيحي. وينطبق الأمر نفسه على تاريخ هيرودت (488-428 ق.م.) ومع ذلك لا يقبل أي دارس للكتابات الكلاسيكية أي تشكيك في موثوقية كتابات هيرودت أو ثوسيديدس لأن أقدم مخطوطاتها الهامة يفصل بينها وبين الأصل أكثر من 1.300 عاماً.
ويكتب جرينلي في كتابه «مقدمة للنقد النصي للعهد الجديد» عن الفترة الزمنية الفاصلة بين المخطوطة الأصلية للنص وأقدم مخطوطاته المتبقية إلى الآن، قائلاً:
إن أقدم مخطوطات معظم الكلاسيكيات اليونانية يفصل بينها وبين موت مؤلفيها ألف عام أو أكثر. أما بالنسبة للمؤلفات اللاتينية فإن هذه الفترة البينية تقل إلى حد ما فتصل إلى ثلاثة قرون على الأقل لكتابات فيرجيل. أما في حالة العهد الجديد فإن اثنتين من أهم المخطوطات كتبتا قبل مرور 300 عام على إتمام كتابة العهد الجديد، بل إن بعض أسفار العهد الجديد وبعض المخطوطات لأجزاء كثيرة منه لا تفصل بينها وبين النسخة الأصلية له سوي قرن واحد.
ويقول أيضاً:
إن كان العلماء يقبلون الكتابات الكلاسيكية القديمة ككتابات موثوق فيها رغم أن أقدم المخطوطات لها كتبت بعد فترة طويلة من النسخ الأصلية، وعدد هذه المخطوطات ضئيل جداً في كثير من الحالات، إذاً، فمن الواضح أن موثوقية نص العهد الجديد أمر لا غبار عليه أيضاً.
وفي هذه المقارنة يكتب بروس ميتسجر في كتابه «نص العهد الجديد» قائلاً:
حفظت لنا أعمال الكثير من المؤلفين القدامى من خلال خيط رفيع جداً من المخطوطات المتناقلة. فمثلاً انتقل التاريخ الوجيز لروما الذي كتبه فيليوس باتركلوس إلى العصور الحديثة عبر مخطوطة واحدة غير كاملة صدرت عنها الطبعة الأولي - وهذه المخطوطة الوحيدة فقدت في القرن السابع عشر بعد نسخها على يد بيتوس ريناوس في أمبرباخ. كما أن الحوليات التاريخية للمؤرخ الشهير تاسيتوس بقيت الكتب الستة الأولى منها فقط من خلال مخطوطة واحدة ترجع إلى القرن التاسع. وفي عام 1870 احترقت المخطوطة الوحيدة المعروفة لـ الرسالة إلى ديوجنيتس في المكتبة المحلية لمدينة شتراسبورج وهذه الرسالة من المؤلفات المسيحية المبكرة التي تعتبر ضمن كتابات الآباء الرسوليين. وعلى النقيض من هذا كله، يجد الناقد النصي للعهد الجديد نفسه في حيرة بسبب كثرة المخطوطات التي بين يديه.
ويكتب ف.ف. بروس قائلاً: ليست هناك أية مجموعة من الكتابات القديمة لها مثل هذه الثروة من المخطوطات النصية الجيدة التي يحظي بها العهد الجديد.
بالمقارنة بما يقرب من 5.700 مخطوطة يونانية للعهد الجديد، يوضح الجدول التالي افتقار بعض الوثائق القديمة الأخرى للمخطوطات
ولا عجب في النتيجة التالية التي وصل إليها رافي زاكرياس: في الحقيقة، يعد العهد الجديد أوثق الكتابات القديمة من حيث عدد المخطوطات والفترة الزمنية الفاصلة بين الأحداث التاريخية وبين تدوين الوثيقة وكذلك من حيث تنوع الوثائق المتاحة لتأييده أو رفضه. ليست هناك مخطوطات أخرى قديمة تضاهي مخطوطات العهد الجديد من حيث عددها وتوافقها.
2(ب) أهم مخطوطات العهد الجديد
نعرض فيما يلي أهم الكشوف لمخطوطات العهد الجديد حسب الترتيب التاريخي لها. ولتحديد عمر المخطوطة هناك بعض العوامل التي تساعدنا على ذلك وهي:
1- مادتها.
2- حجم وشكل حروف الكتابة.
3- علامات الترقيم.
4- طريقة تقسيم النص.
5- الزخرفة.
6- لون الحبر.
7- نسيج ولون الرقوق مخطوطة جون رايلاندز (130م)
وهي موجودة بمكتبة جون رايلاندز في مانشستر بإنجلترا (أقدم مخطوطات العهد الجديد). بسبب قِدَمها وموقع العثور عليها (مصر)، بالقرب من الموقع الذي دونت فيه (آسيا الصغري)، تؤكد هذه المخطوطة التي تحوي إنجيل يوحنا أن هذا الإنجيل كتب في نهاية القرن الأول الميلادي.
ويحدثنا بروس ميتسجر عن أحد الانتقادات التي كانت توجه فيما مضى إلى إنجيل يوحنا قائلاً: لو أن هذه المخطوطة الصغيرة كانت معروفة في منتصف القرن الماضي، فإن مدرسة نقد العهد الجديد التي أسسها فيرديناند كريستيان باور الأستاذ الألمعي لجامعة توبنجن لم تكن لتفترض أن الإنجيل الرابع لم يكتب حتى عام 160م تقريباً.
بردية بودمر الثانية (150-200م)
وقد تم شراؤها في الخمسينات والستينات القرن الماضي من أحد التجار في مصر. وهي توجد في مكتبة «بودمر للآداب العالمية» وتحتوي على معظم إنجيل يوحنا. تعد مجموعة مخطوطات بودمر أهم اكتشافات المخطوطات البردية للعهد الجديد منذ اكتشاف مخطوطات «تشستربيتي» (يأتي ذكرها لاحقاً في هذا الفصل). ووضعت هذه المجموعة في مكتبة الآداب العالمية في كولاجني بالقرب من جنيف وترجع إلى عام 200م أو ما قبله. وهي تشتمل على 104 ورقة تحوي يوحنا 1: 1 إلى 6: 11، 6: 35ب إلى 14: 26 وأجزاء من أربعين ورقة أخرى بها يوحنا 14-21 . والنص مزيج من الكتابة الإسكندرية والغربية، وهناك ما يقرب من عشرين مرة تم بها التبادل بين الكتابات التي تنتمي جميعها إلى العائلة الغربية. (Geisler, GIB, 390) يرجع هربرت هنجر، مدير المخطوطات البردية بالمكتبة الوطنية بفيينا، هذه المخطوطة إلى وقت مبكر في منتصف القرن الثاني الميلادي إن لم يكن في أوله، انظر بحثه.
المخطوطة P72.
وهي جزء من المجموعة السابقة تشتمل على نسخة مبكرة من رسالة يهوذا ورسالتي بطرس. كما حصل م. بودمر على مخطوطة أخرى مبكرة من مخطوطات الكتاب المقدس لإنجيلي لوقا ويوحنا ... ويرجع فيكتور مارتين ورودلف سيزر المحرران هذه النسخة إلى ما بين عامي 175م و225م. ومن ثم فهي تعد أقدم نسخة معروفة لإنجيل لوقا وواحدة من أقدم نسخ إنجيل يوحنا. ويصفها ميتسجر بأنها أهم اكتشاف لمخطوطات العهد الجديد منذ شراء برديات تشستربيتي.
بردية تشستربيتي (200م)
تم شراء هذه المخطوطات في الثلاثينات من القرن الماضي من أحد التجار في مصر وهي موجودة بمتحف تشستربيتي في دبلن. وبعضها يخص جامعة ميتشجن. وتضم هذه المجموعة مخطوطات بردية تحوي ثلاث منها على أجزاء كبيرة من العهد الجديد. كتب سير فردريك كنيون في كتابه « الكتاب المقدس والدراسات الحديثة»: النتيجة النهائية لهذا الاكتشاف -الذي يعدّ الأهم من نوعه منذ اكتشاف المخطوطة السينائية- هي في الواقع تضييق الفجوة الزمنية بين المخطوطات القديمة والتواريخ المعروفة لكتابة أسفار العهد الجديد حتى أصبحت غير ذات قيمة في أي مناقشة تدور حول موثوقية هذه الأسفار. ليس هناك أي كتاب آخر من الكتب القديمة له مثل هذا الكمّ الكبير من المخطوطات التي تؤيده، ولا يمكن للباحث المنصف أن ينكر أن النص الذي وصل إلينا صحيح جوهرياً. ويمكن الإطلاع على قائمة مفصلة بالمخطوطات البردية في النسخ اليونانية للعهد الجديد الصادرة عن «اتحاد جمعيات الكتاب المقدس» أو نستله-آلاند وكلتاهما تم طباعتهما في شتوتجارت.
الدياطسرون
وتعني اتفاق الأناجيل الأربعة، والعبارة اليونانية dia Tessaron تعني حرفياً «من الأربعة» وهو كتاب يبين توافق الأناجيل الأربعة كتبه «تاتيان» (نحو 160م).
كتب «يوسابيوس» في «التاريخ الكنسي» يقول: كتب «تاتيان» مؤلفاً يجمع الأناجيل معاً وأطلق عليه اسم الدياطسرون ولا يزال هذا المؤلف موجوداً في بعض الأماكن. ويعتقد أن تاتيان المسيحي الأشوري هو أول من كتب مؤلفاً للتوافق بين الأناجيل، لا يزال جزء صغير منه موجوداً حتى اليوم.
المخطوطة الفاتيكانية (325-350م)
وهي توجد في مكتبة الفاتيكان وتحوي الكتاب المقدس كله تقريباً. وبعد مرور ما يقرب من مائة عام على النقد النصي، يعتبر الكثيرون أن المخطوطة الفاتيكانية هي إحدى أهم المخطوطات الموثوقة للعهد الجديد.
المخطوطة السينائية (350م)
وهي توجد في المتحف البريطاني. وهذه المخطوطة، التي تحوي العهد الجديد كله تقريباً وأكثر من نصف العهد القديم، اكتشفها الدكتور قسطنطين فون تشيندورف في دير جبل سيناء عام 1859. وقد أهداه الدير إلى القيصر الروسي، ثم اشترته الحكومة البريطانية من الاتحاد السوفيتي بمبلغ 100 ألف جنيه في عيد الميلاد عام 1933م.
ولهذا الاكتشاف قصة مذهلة. ويروي لنا بروس متسجر الأحداث المثيرة التي أدت إلى هذا الاكتشاف:
في عام 1844 بدأ تشيندورف، الذي كان أستاذاً بجامعة ليبزج ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من العمر، رحلته الطويلة في الشرق الأدنى بحثاً عن مخطوطات الكتاب المقدس. وفي زيارته لدير سانت كاترين بجبل سيناء، وجد مصادفةً بعض الرقوق في سلة للمهملات كانت ممتلئة بالأوراق التي كان مصيرها أن تستخدم في إشعال الفرن الخاص بالدير. وبفحص هذه الرقوق تبين أنها نسخة من الترجمة السبعينية للعهد القديم مدونة بالحروف الكبيرة المنفصلة اليونانية. وقد استعاد من هذه السلة ما لا يقل عن ثلاثة وأربعين من هذه الأوراق، وذكر له رهبان الدير أن ضعف ما يمكن أن تحمله السلة في المرة الواحدة من هذه الأوراق قد احترق بهذه الطريقة!. وبعد ذلك، عندما عرض على تشيندورف أجزاء أخرى من المخطوطة نفسها (وكانت تحوي سفر إشعياء كاملاً وسفري المكابيين الأول والثاني)، حذَّر الرهبان من استخدام مثل هذه الرقوق في إشعال النيران وذلك لقيمتها البالغة. أما الأوراق الثلاث والأربعون التي سمح له بالاحتفاظ بها فكانت تحوي أجزاء من سفر أخبار الأيام الأول وإرميا ونحميا وأستير، وعندما عاد إلى أوروبا أودعها مكتبة جامعة ليبزج، حيث بقيت إلى الآن. وفي عام 1846 نشر محتوياتها وأطلق عليها اسم مخطوطة فريدريك أوغسطس تكريماً للملك فريدريك أوغسطس الذي كان ملكاً لموطن المكتشف وراعياً له.
ولم تثمر زيارة تشيندورف التالية إلى الدير عام 1853 عن اكتشاف أي مخطوطات جديدة إذ كان الرهبان مرتابين بسبب الحماس الذي أبداه للمخطوطات أثناء زيارته الأولى عام 1844 . ثم قام بزيارة ثالثة في عام 1859 بتوجيه من القيصر الروسي ألكسندر الثاني. وقبل مغادرته الدير بفترة قصيرة، قدم تشيندورف لمشرف الدير نسخة من الترجمة السبعينية التي كان قد نشرها في ليبزج.
وعندئذ ذكر له المشرف أن لديه أيضاً نسخة من الترجمة السبعينية وأخرج من خزانة قلايته مخطوطة ملفوفة في قطعة قماش حمراء. فرأى العالم تشيندورف أمام عينيه، وقد استولي عليه الذهول، الكنز الذي طالما كان يتوق لرؤيته. وطلب، مخفياً مشاعره ومتظاهراً بعدم الاكتراث، تصريحاً بفحص المخطوطة في ذلك المساء. وعندما حصل تشيندورف على هذا التصريح عاد إلى حجرته وظلَّ ساهراً طوال الليل مبتهجاً بدراسة المخطوطة - لأنه ، كما يقول في يومياته (التي كتبها باللاتينية لكونه عالماً)، بدا النوم وكأنه تدنيساً للمقدسات! وسرعان ما وجد أن المخطوطة تحتوي على أكثر مما كان يرجوه، لأنها لم تكن تحتوي فقط على معظم العهد القديم ولكن أيضاً على العهد الجديد الذي كان سليماً بل وفي حالة ممتازة، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك الأعمال المسيحية الأولى للقرن الثاني الميلادي، فكانت هناك رسالة برنابا (ولم تكن تعرف قبلاً إلا من خلال إحدى الترجمات اللاتينية الضعيفة) وجزء كبير من راعي هرماس، الذي لم يكن يعرف منه حتى ذلك الوقت إلا اسمه فقط.
المخطوطة الإسكندرية (400م)
وهي توجد في المتحف البريطاني. وتذكر الموسوعة البريطانية أنها كتبت باليونانية في مصر. وهي تحتوي على معظم الكتاب المقدس تقريباً.
المخطوطة الإفرايمية (400 م)
وهي توجد في المكتبة الوطنية بباريس. وتقول عنها الموسوعة البريطانية: تعود أهميتها بالنسبة لبعض أجزاء العهد الجديد في أنها تعود إلى القرن الخامس وتحقق نصوص العهد الجديد. وتضم هذه المخطوطة جميع أسفار العهد الجديد ما عدا الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي ورسالة يوحنا الثانية. وهذه المخطوطة وثيقة ترجع إلى القرن الخامس ويطلق عليها اللوح الممسوح palimpset وهي مخطوطة مُحيت الكتابة المنقوشة عليها وأعيدت الكتابة عليها.مرة أخرى وعن طريق استخدام بعض المواد الكيماوية وبذْل الجهد الحثيث يمكن للعالم قراءة الكتابة الأصلية تحت الكتابة الجديدة.
المخطوطة البيزية (450م)
وهي موجودة بمكتبة جامعة كمبريدج وتشتمل على الأناجيل وسفر أعمال الرسل باللغتين اليونانية واللاتينية.
مخطوطة واشنطن (أو المخطوطة الفريرية-حوالي 450 م)
وتحتوي على الأناجيل الأربعة. وتوجد في معهد سميثونيان في واشنطن.